دونالد ترامب: الرجل الذي أثار الجدل في السياسة الأمريكية والعالمية في عالم السياسة، يظهر بعض الشخصيات التي تتجاوز شهرتها حدود بلدانهم، ومن بين هؤلاء الشخصيات يأتي دونالد ترامب، الذي شغل منصب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة من 2017 إلى 2021. وُلد ترامب في 14 يونيو 1946 في نيويورك، وأصبح أحد أشهر رجال الأعمال في العالم، حيث أسس إمبراطورية عقارية ناجحة وجسد فكرة "الحلم الأمريكي". ولكن، لم تكن مسيرته المهنية خالية من الجدال والمصاعب. بداية ترامب كانت متميزة، إذ حصل على تعليم جيد في الأكاديميات الأمريكية المرموقة، وبدأ العمل في شركة عائلته العقارية بعد تخرجه. ومع مرور الوقت، اتسعت مشاريعه لتشمل الفنادق والكازينوهات ووسائل الإعلام. لكن، برز اسمه بشكل كبير بعد استضافته لبرنامج "The Apprentice"، حيث أصبح رمزًا للنجاح والتحدي. عندما قرر ترامب دخول المعترك السياسي، كان ذلك قرارًا غير متوقع للكثيرين. إذ كان يفتقر إلى الخبرة التقليدية في السياسة، لكنه جلب معه أسلوبًا جديدًا، يعكس صراحة مباشرة ورغبة في "تجفيف المستنقع" كما وصفه. كان برنامجه الانتخابي يركز على قضايا الاقتصاد والهجرة والأمن، مما جذبه قاعدة جماهيرية كبيرة من الأمريكيين الذين شعروا بالتهميش في ظل السياسات السابقة. فاز ترامب بالانتخابات الرئاسية في عام 2016 في نتيجة غير متوقعة، حيث تغلب على هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي. كانت حملته تعتمد بشكل كبير على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مما ساعده على التواصل بشكل مباشر مع مؤيديه. عُرف بقوة كلماته وعباراته المثيرة للجدل، التي كانت تقدم نفسها كقوة جذب حقيقية للناخبين، رغم ما تعرض له من انتقادات. خلال فترة ولايته، اتخذ ترامب عددًا من القرارات المثيرة للجدل. فقد أطلق إصلاحات ضريبية كبيرة، وعُرف بموقفه الصارم تجاه الهجرة، حيث أعلن عن بناء جدار على الحدود مع المكسيك وحاول تقليص عدد المهاجرين غير الشرعيين. كما اتخذ خطوات غير مسبوقة في مجال التجارة، مما أدى إلى اندلاع حروب تجارية مع العديد من الدول، بما في ذلك الصين، حيث طُبقت رسوم جمركية عالية على الواردات. ومن جهة أخرى، كانت فترة ترامب في الحكم مليئة بالأزمات السياسية. حيث واجه impeached مرتين، الأولى في عام 2019 بتهمتين رئيسيتين: إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس. تم الاقتراع على إجراءات العزل في مجلس النواب، لكن ترامب حصل على البراءة من مجلس الشيوخ. كانت تلك اللحظة نقطة تحول في تاريخ السياسة الأمريكية، حيث تمثل حركة غير مسبوقة في الحراك السياسي. على الرغم من الجدل المحيط به، كان ترامب يحتفظ بشعبية كبيرة بين جزء كبير من الجمهوريين. وجذبت تصريحاته الجريئة والمثيرة، بالإضافة إلى انتقاداته الحادة لوسائل الإعلام ومنافسيه السياسيين، العديد من الناخبين الذين شعروا أنه يمثل صوتهم. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية في عام 2020، واجه ترامب تحديات جديدة. كانت جائحة كورونا مسألة مهمة كان عليه التعامل معها، مما أثر على الاقتصاد الأمريكي وزيادة معدلات البطالة. على الرغم من ذلك، كان ترامب يروج للاقتصاد القوي الذي حققه قبل الجائحة، محاولًا إظهار حسن إدارته للأمور. ومع ذلك، لم يستطع ترامب الحفاظ على منصبه. خسر الانتخابات أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن، الذي استند برنامجه الانتخابي إلى وعود بالوحدة وإدارة الجائحة بشكل فعال. كانت النتيجة ضربة قوية لترامب، حيث رفض الاعتراف بالهزيمة، مما أدى إلى تصاعد التوترات في البلاد. فقد اقتحم أنصاره مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021 احتجاجًا على نتائج الانتخابات، مما أدى إلى تداعيات سياسية واجتماعية خطيرة. بعد مغادرته البيت الأبيض، لم يختف ترامب عن الساحة السياسية. بل أعلن في وقت لاحق عن نيته الترشح مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024، مما أثار الكثير من الجدل حول مكانته في الحزب الجمهوري. تعد شخصية ترامب محورية في السياسية الأمريكية، حيث يتمتع بجاذبية غير عادية لدى قاعدته الشعبية، على الرغم من الانتقادات الموجهة له من المعارضة والأوساط السياسية. ترامب ليس مجرد سياسي، بل هو ظاهرة ثقافية أيضاً. الصور والعبارات المرتبطة به استمرت في البقاء في النقاشات العامة، سواء كانت إيجابية أو سلبية. بينما يرى البعض فيه رمزاً للتغيير الجذري، يجد آخرون فيه رمزاً للانقسام. بينما يستعد ترامب للعودة إلى الساحة السياسية، يبقى السؤال: هل سيستطيع استعادة منصبه الرئاسي، أم أن الجدل المتعلق به سيواصل السجلة في صفحات التاريخ الأمريكي؟ مهما كانت الإجابة، يبدو أن تأثير ترامب على السياسة الأمريكية وحياتها الاجتماعية سيبقى مستمراً لسنوات قادمة. في نهاية المطاف، يعتبر ترامب شخصية معقدة، تثير العديد من الآراء المتباينة. يقدم للجمهور صورة الرجل القوي الذي لا يتردد في قول ما يدور في ذهنه، لكن هذه الصورة لا تخلو من المنغصات والمشاكل. إن صعوده إلى السلطة وسقوطه السريع يتحدثان الكثير عن ديناميكيات السياسة الأمريكية وكيف يمكن لشخص واحد أن يؤثر بشكل كبير على بلد بأكمله.。
الخطوة التالية