بينما يستمر العصر الرقمي في تشكيل الاقتصاد العالمي وطريقة تفكيرنا حول المال، يبرز سؤال شيق: ماذا كان سيفكر بنجامين فرانكلين، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، في ظاهرة مثل بيتكوين؟ بالنظر إلى مبدأه الاقتصادي ورؤيته للقيم المالية، يمكننا أن نبدأ في تصور رأيه حول هذه العملة الرقمية. وُلد بنجامين فرانكلين في عام 1706 في بوسطن، وعُرف بأنه سياسي ومخترع وعالم، لكنه كذلك كان شخصية نابغة في مجال المال والاقتصاد. كان لديه قدرة فطرية على فهم قيمة المال، وكيفية إدارته بشكل يجعل الفرد والمجتمع في حالة من الازدهار. توضح أقواله الشهيرة، مثل "وقت الفراغ هو وقت الثروة"، فكرة أن الاستثمار الذكي في الموارد والوقت هو ما يقود إلى النجاح المالي. عند التفكير في بيتكوين، العملة الرقمية التي قفزت إلى واجهة الأخبار في السنوات الأخيرة، قد يعجب فرانكلين بفكرة إلغاء وسيط مالي مثل البنوك. فهو كان من مؤيدي تحرير الفقراء من الفوائد التي تفرضها المؤسسات المالية. اعتقد أن الفرد يجب أن يكون له سيطرة أكبر على ممتلكاته. هذا يشير إلى أن فرانكلين كان سيجد في البيتكوين وسيلة تمنح الأفراد الحرية المالية. لكن في المقابل، كانت فلسفة فرانكلين تدور حول المسؤولية الشخصية والتخطيط المالي السليم. كان ينصح دائمًا بالادخار والاستثمار بحكمة. من المحتمل أن يرى أن التقلبات الكبيرة في قيمة بيتكوين تمثل مخاطرة عالية، خصوصاً أن أسعارها يمكن أن تتقلب بشكل دراماتيكي في فترة زمنية قصيرة. ربما كان سينبه الناس إلى وجوب توخي الحذر قبل الانغماس في الاستثمارات غير المستقرة. إضافةً إلى ذلك، كان فرانكلين يقدّر التعليم والمعرفة كأدوات لتحسين الأوضاع المالية. كان يشجع على البحث والفهم الجيد قبل اتخاذ قرارات مالية. لذا، قد يشجع فرانكلين المستثمرين في البيتكوين على التعلم حول البلوكشين والتكنولوجيا المستخدمة في هذه العملة، وكذلك فهم المخاطر المرتبطة بها. قال فرانكلين ذات مرة: "استثمار في المعرفة دائمًا ما يعطي أفضل العوائد". وبالتالي، في سياق البيتكوين، كان سيحث الناس على فهم كل ما يتعلق بهذه العملة وكيف يمكن أن تؤثر على مستقبلهم المالي. علاوة على ذلك، لم يكن فرانكلين غريبًا عن فكرة الابتكار والتغيير. وهو مشهور بتشجيعه للمبادرات الجديدة التي تقدم حلولاً لمشكلات اجتماعية. في هذا السياق، يمكن القول إنه كان سيعتبر البيتكوين تشكيلاً مثيرًا للاهتمام من الابتكار المالي، الذي قد يساعد في تقليل سيطرة البنوك الكبرى. ولكن، كان من المحتمل أيضًا أن يؤكد على الحاجة إلى تنظيم مناسب لحماية المستهلكين. رغم أن فرانكلين عاش في عصر لم يكن فيه الإنترنت أو العملات الرقمية، إلا أن العديد من الأفكار والمبادئ التي طرحها لا تزال صالحة. فعلى سبيل المثال، كان هناك كتابات له تتعلق بالمخاطر التي يمكن أن تنجم عن عدم وجود تنظيم في الأسواق المالية. إذا نظرنا إلى الوضع الحالي مع تزايد عمليات الاحتيال في مجال العملات الرقمية، فإننا نستطيع أن نفترض أنه كان ليؤيد وجود بعض الأطر التنظيمية لحماية المستثمرين. أيضًا، كانت فلسفة فرانكلين تدعو إلى القوة المجتمعية والتعاون. فقد كان يؤمن بأن التعاون بين الأفراد يمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل للجميع. يمكننا أن نستنتج أنه كان سيعتبر المجتمعات القائمة على بيتكوين وسيلة لتعزيز التعاون لكن بشروط. ربما كان سيشجع على تطوير طرق تسمح للأفراد بأن يتبادلوا بيتكوين بشكل معقول وآمن، بحيث لا يترك أحد خلفه. لا يمكننا أن نغفل عن الأخلاقيات والقيم التي تمسك بها فرانكلين خلال حياته. كان يؤمن بقوة العمل الجاد والعطاء. في سياق البيتكوين، كان من الممكن أن يتساءل فرانكلين عن دور القيم الأخلاقية في استخدام هذه العملة. هل يمكن أن تُستخدم البيتكوين في تعزيز الفقر، أم أنها ستساعد في تحسين الوضع المالي للفرد والمجتمع؟ مثل هذه التساؤلات كانت ستهيم عليه حتمًا. وفي الختام، نرى أن رأي بنجامين فرانكلين حول البيتكوين سيكون عامًا ومعقدًا. من المحتمل أنه كان سيشيد بإمكانات البيتكوين كوسيلة لتمكين الأفراد من اتخاذ قرارات مالية مستقلة، بينما في الوقت نفسه سيحذر من المخاطر المرتبطة بها. كما أنه كان سيحث على ضرورة التعليم والبحث والتعاون في استخدام هذه التكنولوجيا الصاعدة. في ضوء هذا، يبقى بنجامين فرانكلين رمزا للابتكار المالي والتفكير العقلاني. ومع تطور العملات الرقمية، تتجدد أزمة القيم الاقتصادية بطريقة قد تعكس مبادئه المبنية على الادخار، التعلم، والمسؤولية. إذا كان الإسبان اليوم يعيشون في عصر العملات الرقمية، لكان بلا شك أحد الأصوات الداعمة التي تدعو إلى مزيج من الابتكار والتنظيم والمبادئ الأخلاقية.。
الخطوة التالية