في قرار تاريخي أصدره قاضٍ في نيويورك، تم إلزام شركة FTX ومنصة Alameda Research المملوكين من قبل سام بانكمان-فريد بدفع مبلغ ضخم قدره 12.7 مليار دولار كتعويضات للدائنين. يُعتبر هذا القرار تتويجًا لمعارك قانونية استمرت لنحو عامين، بينما يسلط الضوء أيضًا على الفوضى التي شهدتها صناعة العملات الرقمية خلال السنوات الأخيرة. بدأت القصة في نوفمبر 2022، عندما قدمت FTX طلبًا للإفلاس بعد انهيار مفاجئ أدى إلى فقدان 8 مليارات دولار من أموال العملاء. وكما كشفت التحقيقات لاحقًا، قام بانكمان-فريد ورفاقه باستغلال هذه الأموال بطريقة غير قانونية، مما أدى إلى تكبيد العديد من المستثمرين خسائر فادحة. ومنذ ذلك الحين، كانت CFTC (اللجنة التجارية للعقود الآجلة للسلع) تعمل بلا كلل لتقديم المذنبين للعدالة واستعادة حقوق المتضررين. وفي يونيو 2024، قُدمت تسوية أولية، لكن قرار القاضي كاستل في 7 أغسطس 2024 وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق. بموجب هذا القرار، سيتم تخصيص 8.7 مليار دولار كتعويض "للأشخاص الذين تكبدوا خسائر" نتيجة لانتهاكات FTX لقانون تبادل السلع. بينما سيذهب الجزء الآخر من المبلغ، والذي يبلغ 4 مليارات دولار، إلى الدائنين كعائدات تتعلق بالانتهاكات الموصوفة في القضية. هذا القرار يأتي في الوقت الذي تستعد فيه FTX لإعادة هيكلة مدينتها وتقديم خطة إفلاس تهدف إلى تعويض 98% من دائنيها بنحو 118% من المبالغ المسموح بها. وقد أعرب جون راي الثالث، الرئيس التنفيذي الحالي لـ FTX، عن تفاؤله بإمكانية إعادة الأموال للمستثمرين، قائلاً: "نحن سعداء بقدرتنا على اقتراح خطة الفصل 11 التي تعتزم إعادة 100% من المبالغ المستحقة مع الفائدة للدائنين غير الحكوميين". ومع ذلك، لا يبدو أن مستقبل FTX وAlameda Research واضح تمامًا. حيث تم حظرهما من التجارة في الأصول الرقمية، مما يعكس الانعكاسات السلبية للأحداث المعقدة التي شهدتها هذه الشركات. وفي ظل هذه الظروف، يزداد توتر العديد من المستثمرين والدائنين، بينما تتسارع مجريات الأمور في قاعات المحاكم. في خلفية هذه الأحداث، يقبع بانكمان-فريد في السجن بعد أن تم الحكم عليه بالسجن لمدة 25 عامًا بسبب قلبه لعالم التشفير رأسًا على عقب. يُعتبر استغلاله لأموال العملاء أحد أكبر الخيانات في التاريخ الحديث للعملات الرقمية. إضافة إلى ذلك، تم فرض غرامة قدرها 11 مليار دولار عليه كتعويض للضحايا. وعلى صعيد آخر، ينتظر العديد من أعضاء فريقه السابقين في FTX أحكامهم. فمن جهته، تم الحكم على رايان سالامي، الرئيس السابق لشركة FTX Digital Markets، بالسجن في مايو 2024 بتهم جنائية تتعلق بدوره في هذه الفضيحة. ومع ذلك، تأجلت مدة سجنه بسبب إصابته في وجهه خلال هجوم كلب، مما أدى إلى تأجيل موعد استسلامه من أغسطس إلى أكتوبر حتى يتمكن من الحصول على العلاج الطبي. تواصل الأضواء مسلطة على هؤلاء المسؤولين السابقين، بمن فيهم نيهاد سنغ، المدير الهندسي لـ FTX، وغاري وانغ، المدير الفني للشركة، وكارين إليسون، الرئيسة التنفيذية لـ Alameda Research. ينتظر هؤلاء عقوباتهم المحتملة، على الرغم من عدموضوح المواعيد النهائية لذلك. تعتبر أحداث FTX بمثابة دروس قاسية في عالم العملات الرقمية، حيث تبرز الحاجة إلى مزيد من التنظيم والرقابة اللازمة لحماية المستثمرين. تشير العديد من المصادر إلى أن الفوضى وعدم الشفافية كانت السمتان البارزتان لأحداث السنتين الماضيتين، مما أدى إلى انهيار ثقة المستثمرين في الأسواق. أما بالنسبة للكثير من الضحايا الذين فقدوا مدخراتهم، فإن العودة إلى الحالة الطبيعية قد تبدو بعيدة المنال. فبينما يعد قرار المحكمة خطوة في الاتجاه الصحيح، يظل الأثر النفسي والمالي لهذا الانهيار محسوسًا بشكل عميق. تستمر صناعة العملات الرقمية في مواجهة تحديات كبيرة. في حين أن FTX وAlameda Research هما من بين أكبر الكيانات التي تم تداولها في هذا القطاع، إلا أن هناك العديد من الشركات الأخرى التي لا يزال مستقبلها غير مؤكد. لذا، يدرك المحللون أن تطبيق اللوائح والتشريعات المناسبة سيكون أمرًا حيويًا لضمان استقرار السوق. كخلاصة، يعتبر حكم المحكمة بإلزام FTX وAlameda Research بدفع 12.7 مليار دولار للدائنين بمثابة فصل مؤلم ولكنه ضروري في قصة محبطة تحكي عن فقدان الثقة والفوضى في عالم العملات الرقمية. ومن المهم أن يتعلم جميع المعنيين من هذه التجارب لضمان عدم تكرارها في المستقبل، ولضمان توفير بيئة أكثر أمانًا للمستثمرين في قطاع قد يبدو واعدًا ولكن مليئًا بالمخاطر.。
الخطوة التالية