دعت شركة كوينبيز، وهي واحدة من أكبر منصات تبادل العملات الرقمية في العالم، محكمة استئناف فدرالية إلى الضغط على هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) لوضع قواعد جديدة تنظم الأصول الرقمية. تأتي هذه الدعوة في ظل استمرار النزاع القانوني بينه وبين الجهات التنظيمية، حيث تسعى كوينبيز لوضوح أكبر بشأن المعايير التي تحدد متى تُعتبر الأصول الرقمية أوراق مالية. خلال جلسة استماع قضائية في مدينة فيلادلفيا، أفاد المحامي إيوجين سكاليا، الذي يمثل كوينبيز، بأن هيئة SEC لم تقدم أي تفسير مقنع لرفض طلب الشركة في العام الماضي بشأن وضع قواعد لجعل فهم المعايير أسهل. وكان كوينبيز قد رفع دعوى قضائية ضد الهيئة في ديسمبر الماضي في محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة الثالثة، ويؤكد سكاليا أن تصرفات الهيئة تمثل سلوكاً حكومياً قاسياً للغاية. لقد أكدت كوينبيز على أن الهيئة تواصل توجيه التهديدات ضد الشركات العاملة في مجال العملات الرقمية دون توفير الوسائل اللازمة لتسجيل هذه الشركات وفق القوانين المعمول بها. وأشار سكاليا إلى أن الوضع الحالي يتطلب تدخلًا عاجلاً لإنهاء حالة عدم اليقين التي تعاني منها الصناعة. جاءت تصريحات سكاليا في وقت يتواصل فيه الجدل حول كيفية تصنيف الأصول الرقمية، حيث تعتبر هيئة SEC أن العديد من هذه الأصول تُعتبر أوراق مالية. تؤكد الهيئة أنها تستند إلى معيار "هاوي"، وهو اختبار قانوني يعود إلى عام 1946، والذي يتم استخدامه لتحديد ما إذا كان الاستثمار يقع تحت فئة الأوراق المالية بناءً على وجود شراكة اقتصادية وتوقعات للعوائد. من جانبها، أيدت هيئة SEC وجهة نظرها، حيث أكد المحامي إيزكييل هيل أن الأطر القانونية الحالية كافية للتعامل مع الأصول الرقمية. وأوضح هيل أن الهيئة تلقت إشعارًا كافيًا ينبه الصناعة حول المناورة القانونية الجديدة منذ تقرير عام 2017 الذي حذر من أن العروض الأولية للعملات الرقمية قد تُعتبر عروضًا للأوراق المالية. ومع ذلك، يبدو أن صناعة العملات الرقمية تتجه نحو تحقيق دعم سياسي متزايد، حيث تسعى الشركات للتواصل مع المشرعين لطلب وضع معايير تنظيمية واضحة. ومن المثير للاهتمام أن مشروع قانون شامل لتنظيم سوق العملات الرقمية قد تم إقراره في مجلس النواب بدعمٍ واسع من الحزبين، وهو ما يعد خطوة كبيرة نحو تحقيق تنظيم واضح لهذه الصناعة. وفي سياق متصل، يُظهر الدعم المتزايد من السياسيين للرؤية التنظيمية تجاه سوق العملات الرقمية، حيث أعلن عدد من المرشحين للرئاسة في الولايات المتحدة عن دعمهم لهذا القطاع. على سبيل المثال، تعهد الرئيس السابق دونالد ترامب بإقالة رئيس هيئة SEC، غاري جينسلر، الذي يواجه انتقادات حول كيفية تعامله مع شؤون الأصول الرقمية، بينما أكدت كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، أنها ستعمل على تعزيز الاستثمار في مجال العملات الرقمية. لقد أثار هذا الوضع الكثير من المخاوف بين المشاركين في السوق، حيث يتوقع البعض أن يؤدي نقص التوجيهات الرسمية إلى فرض عقوبات على الشركات الناشطة دون معرفتها بكيفية الامتثال للقوانين. وقد أثارت بعض الأسئلة من القضاة خلال الجلسة الحالية استفسارات حول مدى حاجة السوق إلى نظرة شاملة تتناول القواعد التنظيمية للأصول الرقمية. في الوقت الحالي، تواصل الهيئة استنادها إلى اختبار هاوي، مشيرةً إلى أن هناك تباينًا في كيفية تصنيف الأصول الرقمية. فقد يُعتبر الأصل الرقمي ورقة مالية في حالة معينة، بينما قد لا يكون كذلك في حالات أخرى. وهذا التباين يضيف طبقة من التعقيد إلى كيفية تعامل الهيئة مع هذه الأصول. من جهتها، لا تزال كوينبيز تواجه تحديات قانونية مستمرة من هيئة SEC، حيث تم رفع دعوى ضد الشركة في يونيو 2023، تتهمها بعدم التسجيل كمنصة تبادل أو وساطة أو وكالة تصفية. وقد حكم قاضٍ بأن القضية يمكن أن تستمر، مما يضع كوينبيز في موقف حرج. في النهاية، تسلط هذه القضية الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجهها صناعة العملات الرقمية في الولايات المتحدة، حيث يسعى اللاعبون الرئيسيون مثل كوينبيز إلى تحقيق وضوح تنظيمي فيما يتعلق بالأصول الرقمية. بينما تستمر المناقشات بين الشركات والهيئات التنظيمية، لن تكون النتائج فورية، مما يعني أن الصناعة قد تتعرض لمزيد من الضغوط في المستقبل القريب. تتجه الأنظار إلى المحكمة الفيدرالية في هذه القضية، حيث ينتظر الكثيرون القرار الذي قد يحدد مستقبل تنظيم الأصول الرقمية في الولايات المتحدة ويمهد الطريق لاستقرار هذا السوق المتغير بسرعة.。
الخطوة التالية