في عالم التكنولوجيا المتطورة، تظهر الذكاء الاصطناعي التوليدي (Gen AI) كأحد العناصر الأكثر أهمية في مجال سلسلة التوريد، وخاصة في عمليات الشراء والمشتريات. وفقًا لدراسة جديدة أجرتها شركة غارتنر، فقد وُضعت هذه التقنية على مسار سريع نحو الاعتماد السائد، ومن المتوقع أن تصل إلى "هضبة الإنتاجية" في غضون عامين. يشير تقرير غارتنر لعام 2024 إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي أصبح موضوعًا ساخنًا في مجال سلسلة التوريد، حيث تزداد الاستثمارات والنشر السريع لهذه التقنية في جميع أنحاء القطاع. وفقًا لتصريحات كايتلين سومرز، مديرة الأبحاث في غارتنر، فإن 73% من قادة الشراء يتوقعون اعتماد التكنولوجيا بحلول نهاية عام 2024. يعكس هذا التوجه السريع عددًا متزايدًا من حالات الاستخدام، مما يسهل على الشركات تحسين سير العمليات. تتضمن حالات الاستخدام الحالية للذكاء الاصطناعي التوليدي العديد من المجالات مثل إدارة العقود وإدارة الموردين، ومن المتوقع أن تمتد في المستقبل لتشمل إدارة الأداء للموردين، والتحليل، بل وتسهيل عملية الشراء من الموردين. ومن الواضح أن اعتماد هذه التقنيات يمكن أن يكون له تأثير كبير على تحسين الكفاءة وزيادة التنافسية في الأسواق. ومع تزايد الاهتمام بهذه التكنولوجيا، توفر غارتنر إطار عمل إلكتروني يُستخدم لتقييم أحدث التوجهات التكنولوجية من خلال ما يعرف بدورة الضجيج (Hype Cycle)، التي تتكون من خمس مراحل: 1. **محفز الابتكار:** حيث تبدأ تقنيات جديدة بالظهور، مما يثير فضول العديد من الشركات. 2. **ذروة التوقعات المبالغ فيها:** حيث تبدأ بعض النجاح، ولكن تفشل العديد من المشاريع، مما يدفع بعض الشركات إلى التراجع. 3. **قاع الإحباط:** حيث ينخفض الاهتمام بسبب الفشل وفقدان الثقة في التكنولوجيا. 4. **منحدر التنوير:** حيث تبدأ الشركات بفهم أفضل للتكنولوجيا وتظهر دراسات حالة جديدة. 5. **هضبة الإنتاجية:** حيث يتحقق الاعتماد السائد وتبدأ التكنولوجيا في تحقيق نتائج ملحوظة. تشير التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيكون قادرًا على تجاوز المرحلتين الأوليين خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، مما يعني أنه سيصل بسرعة إلى مرحلة الإنتاجية. على الرغم من هذه الإيجابية، يشير الخبراء إلى وجود تحديات يجب التصدي لها. فجودة البيانات ودمج الذكاء الاصطناعي التوليدي مع الأنظمة الحالية تعد من أبرز العقبات. من المهم أن تكون البيانات متكاملة وموثوقة لضمان نجاح تطبيق هذه التقنيات. أظهرت الدراسات أن 62% من الشركات التي تبنت مبادرات الذكاء الاصطناعي التوليدي أعادت تقييم برامجها في الـ 12 شهرًا الماضية، بينما أكملت 7% فقط من تلك الشركات عملية النشر. هذا يعكس أن الشركات لا تزال تسعى لإيجاد الجوانب المناسبة لهذه التكنولوجيا القابلة للتحول. إضافةً إلى ذلك، وجدت دراسة استقصائية من EY أن 38% من المشاركين Identified جودة البيانات كأكبر تحد، و33% أشاروا إلى صعوبة الوصول إلى البيانات. وكما أشار ماثيو بيرتون، الشريك والرائد في سلسلة التوريد والعمليات في EY، فإن ذلك ليس مفاجئًا، حيث غالبًا ما تكون البيانات متوزعة على أقسام وأنظمة مختلفة داخل الشركات، مما يؤدي إلى نقص في المعلومات. بينما يبقى الذكاء الاصطناعي التوليدي محور الحديث الرئيسي، توجد أيضًا تقنيات ذكاء اصطناعي أخرى تقترب من "ذروة التوقعات المبالغ فيها" مثل المصادر الذاتية، التحليلات التنبؤية، والذكاء الاصطناعي التفاعلي (Conversational AI). قد تشهد هذه التقنيات أيضًا تحولًا سريعًا، مما يجعل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من استراتيجيات النجاح في الأعمال. ويشدد الخبراء على ضرورة أن تبقى الشركات على اطلاع دائم بتطورات السوق وأن تبحث عن فرص لاستغلال الذكاء الاصطناعي التوليدي دون الحاجة لبناء بنية تحتية خاصة بها. فالتحقق من جدوى استخدام هذه التكنولوجيا في حالات استخدام محددة قد يساعد على تحديد المجالات التي يمكن تطويرها وتوسيع نطاقها. خلاصة القول، يبدو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتجه نحو الحلقة الأكبر من تكنولوجيا سلسلة التوريد، ويتوقّع أن يلعب دورًا حيويًا في تحسين الكفاءة وتعزيز القدرة التنافسية. لكن، يتعين على الشركات أن تكون واعية للمخاطر والتحديات التي قد تواجهها في هذا المجال. التعاون مع مقدمي الحلول الخارجيين وتبني استراتيجيات مناسبة قد يكون السبيل الأمثل لتحقيق التقدم في هذا الاتجاه. إن ابقاء الأعين مفتوحة على هذه التحولات السريعة واستغلال الفرص قد يُحدث فرقًا كبيرًا بالنسبة للشركات التي ترغب في تبوؤ المراكز الرائدة في المستقبل. لذا، فإن السباق نحو تحسين الأداء وزيادة التنافسية من خلال الذكاء الاصطناعي يتوقع أن يتسارع في السنوات القادمة، مما يجعله أحد الأدوات الأساسية في تحقيق النجاح في عالم الأعمال المعاصر.。
الخطوة التالية