في 22 سبتمبر، تتجه أنظار السويسريين نحو صناديق الاقتراع من أجل المشاركة في تصويت وطني حول موضوعين هامين. تعتبر هذه العملية الانتخابية فرصة للمواطنين للتعبير عن آرائهم وممارسة حقهم الديمقراطي. ومع ذلك، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات السويسرية شهدت تقلبات كبيرة على مر السنين، مما يجعل من المهم مناقشة العوامل المؤثرة على هذه الظاهرة. تشير الإحصائيات إلى أن نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات السويسرية شهدت تبايناً ملحوظاً في السنوات الأخيرة. ففي عام 1992، شهدت البلاد أعلى نسبة من المشاركة، حيث بلغ عدد الذين أدلوا بأصواتهم 79% من الناخبين المؤهلين. كانت هذه الانتخابات تتعلق بالانضمام إلى الاتفاقية الأوروبية، وهو موضوع أثار جدلاً واسعاً بين المواطنين. تعكس هذه النسبة العالية الحماس العام والرغبة في التأثير على مستقبل البلاد. لكن في المقابل، شهدت السويد عام 2012 انخفاضًا حادًا في نسبة المشاركة، حيث لم يتجاوز عدد الناخبين الذين حضروا للانتخابات 28%. كان موضوع التصويت يتعلق بقانون يتعلق بأمراض الحيوانات، ولم يكن الجدل حوله بنفس الزخم الذي شهدته الانتخابات السابقة. تشير هذه الظاهرة إلى أن أهمية الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال تلعب دورًا كبيرًا في جذب الناخبين إلى صناديق الاقتراع. خلال السنوات الأخيرة، كان معدل المشاركة في الانتخابات يتراوح حوالي 46%، مما يمثل تحديًا أمام المسؤولين والمجتمع المدني. يتساءل الكثيرون عن الأسباب التي تؤدي إلى انخفاض نسبة المشاركة، وكيف يمكن تعزيز الوعي الانتخابي بين المواطنين. من بين العوامل الرئيسية التي يمكن أن تؤثر على قرار الناخبين بعدم المشاركة، هناك شعور عام بالإحباط واللامبالاة. العديد من المواطنين قد يشعرون بأن أصواتهم لا تُسمع، أو أن العملية الانتخابية لا تؤدي إلى تغييرات حقيقية في حياتهم اليومية. هذا الشعور يمكن أن يتفاقم في المجتمعات التي تعاني من المشاكل الاقتصادية أو الاجتماعية، حيث يركز الناس على التحديات اليومية بدلاً من المشاركة في العمليات الديمقراطية. علاوة على ذلك، فإن المعلومات المتاحة حول الموضوعات المطروحة للتصويت تلعب دورًا بارزًا في رفع نسبة المشاركة أو خفضها. في بعض الأحيان، قد يشعر الناخبون بعدم فهمهم لجوانب معينة من القوانين أو المبادرات المطروحة، مما يدفعهم إلى اتخاذ قرار بعدم المشاركة. لذلك، يُعتبر إجراء حملات توعوية فعّالة يساهم في تثقيف المواطنين وزيادة فهمهم للموضوعات الانتخابية أمرًا بالغ الأهمية. أيضًا، يلعب الشباب دورًا محوريًا في تعزيز نسبة المشاركة، إذ يُظهر العديد من الدراسات أن الأجيال الجديدة تميل إلى أن تكون أقل اهتمامًا بالمشاركة السياسية. يمكن أن تُعزى هذه الظاهرة إلى مجموعة من الأسباب، بماใน ذلك عدم معرفة العمليات الانتخابية، أو شعورهم بعدم قدرتهم على التأثير في التغيير. لذا، يُفترض أن تبدأ الحملات الانتخابية من البيئات التعليمية لتعزيز الوعي السياسي بين الشباب. يمكن تنفيذ ورش عمل وندوات شاملة في المدارس والجامعات لتعليم الطلاب حول أهمية التصويت ودوره في صنع القرار. إن تعزيز الوعي لدى الشباب يمكن أن يسهم بشكل كبير في بناء مجتمع ديمقراطي نشط. من المهم أيضًا أن تشجّع الحكومة والمجتمع المدني على إقامة فعاليات مفتوحة ومشاركة في النقاشات العامة حول القضايا التي سيتم التصويت عليها. بقدر ما يشعر الأفراد بأنهم جزء من الحوار والنقاش المجتمعي، بقدر ما يكون لديهم دافع أكبر للمشاركة في الانتخابات. في نهاية المطاف، تطرح الانتخابات القادمة فرصة كبيرة لكل مواطن للإعراب عن رأيه والمساهمة في رسم مستقبل البلاد. يجب أن نتذكر أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات بل هي عملية مستمرة تتطلب المشاركة والانخراط الفعّال من الجميع. هذا يعني أن كل صوت له قيمة، وأن المشاركة لا تتعلق فقط بالحق في التصويت بل أيضًا بالحق في أن تكون جزءًا من بناء مجتمع أفضل. مع اقتراب موعد الانتخابات، يجب علينا جميعًا التفكير في كيفية تعزيز المشاركة وتثقيف من حولنا بأهمية هذه العملية. يجب ألّا يقتصر الأمر على الذهاب إلى صناديق الاقتراع فحسب، بل ينبغي أن نكون ناشطين في مناقشة القضايا المطروحة والتأثير على الأجيال القادمة لتعزيز قيمة المشاركة السياسية. وفي الختام، فإن السؤال "هل ستذهب للتصويت؟" يجب أن يُنظر إليه بشكل جاد من كل مواطن. يجب أن تكون الإجابة إيجابية، وأن نعمل جميعًا على تعزيز المشاركة والحماس تجاه العملية الديمقراطية، لأن صوت كل شخص يمكن أن يحدث تغييرًا حقيقيًا في المجتمع. دعونا نتحرك جميعاً نحو المشاركة الفعالة في الانتخابات المقبلة، وليكن صوتنا جزءًا من صياغة مستقبل أفضل لسويسرا.。
الخطوة التالية