في عالم العملات الرقمية، حيث تتقدم التكنولوجيا بمعدل متسارع، جاء إعلان مفاجئ من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي أطلق مشروعه الجديد في مجال التمويل اللامركزي تحت اسم "World Liberty Financial". المشروع الذي يدعو إلى دعم استخدام العملات المستقرة والتمويل اللامركزي لم يتضح تفاصيله بعد، مما أثار العديد من التساؤلات والشكوك حول حقيقة المشروع ومصداقيته. خلال بث مباشر استمر لأكثر من ساعتين، لم يقتصر الحديث على المشروع وحده، بل تناول ترامب العديد من القضايا الشخصية والسياسية، بدءًا من محاولات اغتياله بحسب قوله، وصولاً إلى حديثه عن الحدود والقوى "الشريرة" التي تتآمر ضده. المثير للاهتمام هو أن ترامب، الذي عُرف بعشقه لوسائل التواصل الاجتماعي، لم يقدم أي تفاصيل ملموسة حول كيفية تحقيق أهداف مشروعه الجديد. أوضح أحد المشاركين في البث، كوري كابلان، الذي يعمل كمستشار لمشروع ترامب، أن "World Liberty Financial" ستقوم ببيع وتوزيع توكنات حوكمة تُعرف باسم "WLFI". ومع ذلك، يأتي الإعلان بمزيد من التعقيد، حيث سيقتصر بيع التوكنات على مجموعة محددة من المستثمرين المعتمدين وفقًا للقوانين الفيدرالية الأمريكية. تم وصف المشروع أيضًا كمنصة للإقراض والاقتراض، لكن تفاصيل كيفية عمل ذلك تبقى غامضة. واصفاً المشروع، قال أحد الشركاء في ترامب إن "World Liberty Financial" تهدف لمساعدة الفئات التي تم إقصاؤها أو التي لا تمتلك حسابات مصرفية. ومع ذلك، لم يتم تقديم أي آلية واضحة لكيفية تحقيق هذا الهدف. يبدو أن الإعلانات تشدد على مساعدة الطبقات التي حُرمت من الخدمات المصرفية، ولكن الخطوات العملية لتحقيق ذلك لا تزال غير واضحة. ترامب كان قد أعلن عن المشروع لأول مرة في أغسطس الماضي، حيث وصفه بأنه وسيلة لمواجهة الهيمنة التي تمارسها البنوك الكبيرة. ومع ذلك، لم يذكر في أي من مشاركاته السابقة أي تفاصيل حقيقية عن كيفية عمل هذا النظام المالي الجديد أو نوع التكنولوجيا التي سيعتمد عليها. سجل البث بالكاد أوضح تفاصيل حول كيفية عمل المشروع. خلال الساعات الطويلة، تداول العديد من أعضاء عائلة ترامب وأصدقائه حول فكرة أن التمويل اللامركزي يمكن أن يوفر فرصًا أكبر للناس العاديين الذين تم استبعادهم من الأنظمة المالية التقليدية. ومع ذلك، تقوم الشائعات والأسئلة حول التوزيع الفعلي للتوكنات بظلال من الشك حول مدى جدية هذه الدعوات. على الرغم من تقديم المشروع كوسيلة لإعادة القوة المالية إلى الشعب، تشير التقارير الأولية إلى أن نسبة كبيرة من التوكنات المُصدره ستذهب إلى الأعضاء المؤسسين والمشاركين في المشروع. وفقًا لوثيقة تم الحصول عليها من CoinDesk، تشير التقديرات إلى أن نحو 70% من توكن "WLFI" ستحتفظ بها الفريق المؤسس والموظفون. هذا الجدل يدفعنا للتساؤل عن دوافع ترامب وراء انخراطه في عالم العملات الرقمية. في وقت سابق من هذا العام، تولى ترامب الحديث في مؤتمر العملات الرقمية في ناشفيل، حيث أبدى إشادة بالتكنولوجيا دون أن يقدم مقترحات ملموسة بشأن كيفية استثمار الولايات المتحدة في هذا المجال. يبدو أن ترامب يسعى لجذب جمهور جديد من المبتدئين في عالم العملات الرقمية، مما يعكس مدى أهمية هذا القطاع بالنسبة للناخبين المحتملين. الرسالة هنا ليست مجرد رسالة سياسية. إنما هي محاولة لكسب الدعم من مجتمع العملات الرقمية والناخبين الذين يشعرون بالخسارة أو الإقصاء من النظام المالي. ومع ذلك، الكثيرون يرون أن هناك تناقضًا بين حديث ترامب عن مساعدة الفئات المحرومة وبين الطريقة التي يتم بها توجيه أغلب فوائد المشروع إلى مؤسسيه. في الوقت الذي صرح فيه أحد شركاء ترامب بأن المشروع يستهدف مساعدة أولئك الذين "تم إقصاؤهم"، فإن تصريحات ترامب وأبنائه تعكس شعورًا بأنهم أيضًا جزء من الفئات التي تم إقصاؤها من النظام المالي التقليدي، مدعين أنهم ومنذ دخولهم إلى السياسة تعرضوا للعزل. يبقى أن نرى ما إذا كان هذا المفهوم سيتجسد في الواقع أم أنه مجرد محاولة أخرى لجذب الانتباه. على الرغم من كل الجدل والشكوك، يظل هناك جانب من الإثارة حول دخول ترامب في تعقيدات عالم العملات الرقمية. هل سيشكل مشروع "World Liberty Financial" تحولا حقيقيا في طريقة تعامل الناس مع التمويل؟ أم أنه مجرد وهم آخر يتلاشى مع مرور الوقت؟ مع تزايد حماسة تسويق العملات الرقمية في الأسواق العالمية، يغدو الأمر مهمًا للمراقبين والمستثمرين أن يتسموا بالتحفظ. خاصةً أن التاريخ السابق لترامب في إدارة الأعمال يطرح أسئلة حول مدى شفافية وموثوقية المشاريع التي يقف وراءها. في النهاية، يبقى مستقبل "World Liberty Financial" على المحك، ومعه مستقبل العلاقة بين السياسة والتمويل الرقمي. قد يكون هناك آمال كبيرة للمستثمرين الجدد، لكن يبقى الحذر واجبًا دائماً في عالم مليء بالتحديات والفرص.。
الخطوة التالية