في السنوات الأخيرة، أصبحت سرقة العملات الرقمية من قضايا الساعة التي تصدرت عناوين الأخبار العالمية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بكوريا الشمالية. هذا البلد الذي يُعرف بممارساته الغامضة والسرية أصبح مركزًا للعديد من الأنشطة المظلمة في عالم التكنولوجيا المالية. في حلقة حديثة من بودكاست Chainalysis، ناقشت الباحثتان جيسيكا بيك وكريس وونغ تفاصيل حول عمليات السرقة التي تقوم بها كوريا الشمالية وكيف تؤثر على سوق العملات الرقمية العالمي. تعتبر كوريا الشمالية واحدة من الدول القليلة التي تحتفظ بقوانين صارمة وعقوبات قاسية ضد استخدام العملات الرقمية. ومع ذلك، فإنها في الوقت نفسه تُظهر اهتمامًا كبيرًا في هذا المجال. يعد هذا التناقض جزءًا من استراتيجية أكبر تهدف إلى الاستفادة من تكنولوجيا blockchain في تمويل أنشطتها الاقتصادية والسياسية. تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية استطاعت سرقة ما يصل إلى 1.7 مليار دولار من العملات الرقمية منذ عام 2017. تأتي هذه الأموال بشكل رئيسي من هجمات القرصنة التي تستهدف منصات تداول العملات الرقمية والمستخدمين العاديين. تستخدم الحكومة الكورية الشمالية جماعات من القراصنة المحترفين، الذين تم تدريبهم على أيدي مجموعة من الخبراء في مجال التكنولوجيا والسيبرانية. جمعت جيسيكا وكريس مجموعة من الأدلة التي توضح كيف تقوم كوريا الشمالية بتنفيذ هذه الهجمات. أحد الأساليب الشائعة هو استخدام هجمات التصيد الاحتيالي. يقوم القراصنة بإنشاء مواقع إلكترونية مزيفة تشبه منصات التداول المعروفة، ويقومون بعد ذلك بإغراء المستخدمين بإدخال معلوماتهم الشخصية. بمجرد الحصول على هذه المعلومات، يستطيع القراصنة الوصول إلى حسابات المستخدمين وسرقة أموالهم. بالإضافة إلى التصيد الاحتيالي، تستخدم كوريا الشمالية تقنيات أخرى مثل برامج الفدية، حيث يقوم القراصنة بإصابة أنظمة الحاسوب ببرامج ضارة وطلب فدية لتحريرها. هذه الطرق لا تُستخدم فقط في كوريا الشمالية، بل تُظهر أيضًا تزايدًا ملحوظًا في استخدامها عبر العالم. بالطبع، لا تقتصر هذه الأنشطة على مجرد سرقة الأموال. تستخدم الحكومة الكورية الشمالية هذه الأموال لتمويل برامجها النووية والعسكرية. إن الربط بين الجرائم الإلكترونية والأنشطة العسكرية يشير إلى كيفية استخدام تلك الأموال بشكل يهدد الأمن العالمي. في الوقت نفسه، يُظهر النقاش حول هذه الأنشطة في Podcast Chainalysis كيف أن السوق المالي العالمي يتعامل مع تلك التهديدات. تحتاج منصات تداول العملات الرقمية إلى تعزيز أمانها وتطوير استراتيجيات للتصدي لمثل هذه الهجمات. كما يتعين على الحكومات أيضًا التعاون لمكافحة هذه الأنشطة غير القانونية. يسلط هذا النقاش الأضواء على ضرورة وضع قواعد لحماية المستخدمين في أسواق العملات الرقمية. تفتقر العديد من المنصات إلى الشفافية والأمان، مما يجعلها عرضة لهجمات العمولات السيبرانية. لذا، يبقى التساؤل: كيف يمكن تحقيق توازن بين حرية استخدام العملات الرقمية وأمان المستخدمين؟ وأضافت الخبرتان أن الشركات الناشئة في مجال العملات الرقمية عليها أن تكون أكثر حذرًا وأن تتبنى بروتوكولات أمان صارمة. هذا يتضمن استخدام تقنيات متعددة للتحقق من الهوية، وأيضًا تحسين التعليمات للمستخدمين حول كيفية حماية أموالهم. هنا، يمكن القول إن هذه التهديدات ليست مجرد مشكلة تتعلق بكوريا الشمالية فحسب، بل تمس العديد من الدول حول العالم. إن الأسواق تتجه نحو العولمة، وعمليات السرقة السيبرانية أصبحت مشكلة عالمية تؤثر على جميع البلدان، وليس فقط تلك التي تعتمد على العملات الرقمية. من المهم أن تتبع الحكومات والشركات الناشئة في هذا المجال استراتيجيات شاملة لمكافحة الجرائم السيبرانية. يتطلب ذلك تعاونًا دوليًا وتشريعات فعالة، بالإضافة إلى المراقبة الدقيقة والمعايير الأمنية. علاوة على ذلك، تلعب التكنولوجيا الحديثة دورًا حاسمًا في مواجهة تهديدات القرصنة. يستثمر الكثيرون في تطوير أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين الأمان ومراقبة المعاملات المالية. وفي المستقبل، قد نشهد ظهور تقنيات مبتكرة يمكن أن تقلل من فرص النجاح لهذه الهجمات. في النهاية، تشكل قضايا سرقة العملات الرقمية تحديًا كبيرًا للعالم بأسره. تحتاج المجتمعات إلى العمل معًا لمواجهة هذه التهديدات وحماية المستقبل الرقمي. يجب أن تكون الحماية من هذه الأنشطة مجتمعة من الجهود الحكومية والخاصة، لأن المستقبل يعتمد على كيفية تعاملنا مع هذه القضايا اليوم. تظل كوريا الشمالية واحدة من البلدان التي تثير القلق، لكن الابتكارات في مجال الأمان والتعاون الدولي يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا في الحد من هذه الأنشطة. إن الوعي بخطورة هذه الجرائم وضرورة مكافحتها هو الخطوة الأولى نحو حماية عالم العملات الرقمية وجعلها مكانًا أكثر أمانًا.。
الخطوة التالية