تسعى كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي، لتعزيز علاقتها بمجال العملات الرقمية بصورة ملحوظة، معتبرةً أن ذلك يمثل فرصة استثمارية وسياسية هامة في السياق الانتخابي للعام 2024. حيث بدأت هاريس بمبادرات تهدف إلى استقطاب المستثمرين في مجال العملات الرقمية وتحسين العلاقة مع الحلفاء الديمقراطيين في الكونغرس. تعتبر العملات الرقمية، مثل البيتكوين والإيثريوم، موضوعًا مثيرًا للجدل في الساحة السياسية الأمريكية. فبينما يسعى بعض السياسيين إلى تشديد القوانين المتعلقة بهذه الأصول الرقمية، تعبر هاريس عن رغبتها في تبني سياسة أكثر تسامحًا وتفهماً تجاهها، على خلاف سياسة إدارة الرئيس جو بايدن. هذه الخطوة تأتي في وقت تسعى فيه حملة هاريس لجذب الأنظار إلى برامجها السياسية من جهة، والحد من دعم قطاع العملات الرقمية للخصوم في الانتخابات القادمة من جهة أخرى. في إطار هذه المبادرات، قامت هاريس بإرسال مستشارين، مثل براين نيلسون ولويزا تريرل، للتواصل مع قادة هذا القطاع بهدف جمع الآراء والمقترحات المتعلقة بكيفية تنظيم واستخدام العملات الرقمية. وقد أبدى بعض أعضاء الكونغرس الديمقراطيين، مثل النائب ويلي نيكيل من ولاية نورث كارولينا، اهتمامهم بالتعاون مع هاريس، حيث نظموا اجتماعات لتوعية زملائهم بمخاطر وفوائد العملات الرقمية. خلال حدث لجمع التبرعات، وعدت هاريس بتعزيز دور الولايات المتحدة على الساحة العالمية في القطاعات التي ستحدد مستقبل القرن الحادي والعشرين، من ضمنها تقنية البلوكشين. وذكرت أنها ستعمل على تشجيع الابتكارات التكنولوجية، بما في ذلك الأصول الرقمية، مع التأكيد على أهمية حماية المستهلكين والمستثمرين. يشير المؤيدون للعملات الرقمية إلى أن هاريس في حال انتخابها قد تنهي ما يسمونه الحصار الذي تفرضه هيئة الأوراق المالية والبورصات، برئاسة غاري جينسلر، على هذا القطاع. في السنة الماضية، شهد القطاع العديد من الإجراءات القانونية الصارمة ضد شركات العملات الرقمية، مما أثار الاستياء بين المستثمرين. بينما يعتقد البعض أن مثل هذه المبادرات من قبل إدارة هاريس قد تفتح الأبواب أمام التنظيم الفعال لهذا السوق المتنامي. لكن هناك من يعبّر عن قلقه من أنه قد يكون من المبكر لرؤية تغيرات حقيقية في سياسة هاريس تجاه العملات الرقمية. حيث يرى النائب براد شيرمان، أحد أبرز المنتقدين لقطاع العملات الرقمية، أن تأثير هذا القطاع على هاريس سيكون قصير الأمد ومقتصرًا على الحملات الانتخابية. وأكد شيرمان أنه يعتقد أن هاريس ستظل ملتزمة بتعزيز قواعد تنظيمية تمنع استخدام العملات الرقمية في الأنشطة غير القانونية. من جهة أخرى، يُظهر دعم هاريس المتزايد للعملات الرقمية حرصها على جذب الناخبين الشباب، الذين يميلون لدعم القوى الجديدة في السوق، مثل السوق الرقمي، حيث تُظهر الإحصائيات أن هؤلاء الناخبين يظهرون انحيازًا لصالح ترامب. كما يشير بعض المراقبين إلى أن دعم هاريس المتزايد لهذا القطاع قد يساعد في تعزيز قاعدتها الانتخابية. الاحتدادية المناعية من قبل هاريس تجاه موضوع العملات الرقمية تبرز تباينًا واضحًا بين السياسة الحالية والاتجاهات الجديدة في عالم المال والتكنولوجيا. حيث أن العديد من الديمقراطيين، الذين كانوا يعتبرون العملة المشفرة مجرد فقاعة، بدأوا في التفكير بشكل أكثر ليونة تجاهها، مما يُحتمل أن يفتح الأبواب أمام الكثير من النقاشات القانونية والسياسية. العالم يشهد انفتاحًا متزايدًا على فكرة العملات الرقمية كجزء من النظام المالي الجديد. هذا الانفتاح يتطلب تشريعات وتوجيهات واضحة للمضي قدمًا في تنظيم هذا السوق. وفي هذا السياق، تعد هاريس بوابة مهمة لدعم الابتكار في هذا المجال مع الحفاظ على قضايا الحماية والأمن. تعتبر الخلفية الاقتصادية والسياسية لهاريس حافزًا قويًا لها لتبني هذه السياسات الحديثة، ومع وجود استثمارات ضخمة من قِبَل الشركات العاملة في مجال العملات الرقمية، فإن هذا يجعلها في موقع قوي لاستقطاب الاستثمار وبالتالي تحقيق نتائج إيجابية لصالح الاقتصاد الأمريكي. بات واضحًا أن هاريس تستخدم موضوع العملات الرقمية كأداة استقطاب، فهي تتماشى مع الاتجاه العالمي نحو الرقمنة والتقنيات الحديثة، بينما تعمل على تقديم نفسها كقوة دافعة نحو الابتكار. وفي المجمل، يشير النقاش المحتدم حول العملات الرقمية إلى أن العام المقبل سيكون حاسمًا في تحديد كيفية تنظيم هذا القطاع. ومع الاستثمارات الجادة والمتزايدة في هذا المجال، سيكون على هاريس وفريقها أن يوازنوا بين الحاجة للتجديد والابتكار وبين المخاطر التي قد تترتب على عدم تنظيم هذا السوق. تستمر التحديات والفرص بالتزايد مع نمو هذا القطاع وتنوعه، مما يتطلب من صناع القرار في الولايات المتحدة اتخاذ خطوات مدروسة لضمان تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي. وبغض النظر عن الأيديولوجيات السياسية، يبقى حديث العملات الرقمية أحد الموضوعات الأكثر إثارة للاهتمام في الساحة السياسية الأمريكية، محققًا زخمًا في النقاش العام حول مستقبل الاقتصاد الرقمي.。
الخطوة التالية