لا تعتمد على التحفيز التريليون دولار الصينية لإنقاذ بيتكوين في عالم العملات الرقمية، حيث تتقلب الأسعار بشكل يومي وتتأثر بالعديد من العوامل، يبقى بيتكوين على رأس القائمة كأهم العملات الرقمية وأكثرها شهرة. ومع ذلك، شهدت هذه العملة خلال الأشهر الماضية تقلبات حادة، مما أثار تساؤلات حول مستقبلها. في ظل هذه الظروف، بدا للبعض أن التحفيز المالي الضخم الذي قد تقدمه الصين، والذي يتجاوز التريليون دولار، قد يقدم بارقة أمل لإنقاذ بيتكوين وتحقيق انتعاش في سعرها. لكن السبب ما يزال بعيدًا عن ذلك. تشهد الصين ضغوطات اقتصادية كبيرة في الوقت الحالي، حيث يعاني الاقتصاد من تباطؤ شديد بسبب جائحة كوفيد-19 ومشاكل في سوق العقارات. وللتخفيف من هذه الضغوطات، قد تفكر الحكومة في إعطاء دفعة عبر برامج تحفيزية ضخمة، تشمل ضخ الأموال في الاقتصاد لتحفيز النمو. ومع ذلك، يجب أن نتساءل: هل يمكن لهذه السياسات أن تؤثر فعليًا على سوق العملات الرقمية، وخاصة بيتكوين؟ أولاً، من المهم أن نفهم طبيعة بيتكوين نفسها. بيتكوين ليست مجرد عملة تقليدية؛ بل هي أداة استثمارية وتأمينية ضد التضخم. لذا، فإنها تمثل في العديد من الأوساط قيمة ملاذ آمن. ورغم أن تحفيز الحكومة يمكن أن يؤدي إلى زيادة الأموال المتداولة، فإن ذلك قد يثير مخاوف من التضخم والتي تعد أحد العوامل الرئيسية التي قد تؤثر على قيمة بيتكوين. قد تتسبب جهود التحفيز في زيادة المعروض من النقود، مما يجعل بيتكوين، التي تحدد بمعدل ثابت 21 مليون عملة، أكثر جاذبية كفضاء استثماري. ومع ذلك، هناك أيضًا اعتبارات عديدة تجعل من غير المرجح أن يؤثر التحفيز الصيني على سعر بيتكوين بالشكل المتوقع. فإحدى العوامل الرئيسية هي سيطرة الحكومة الصينية على سوق العملات الرقمية بشكل عام. خلال العامين الماضيين، استخدمت الحكومة الصينية عدة إجراءات صارمة لفرض رقابة على هذا السوق، بما في ذلك حظر التعدين وحظر التداول في منصات محددة. لذا، حتى لو قررت الصين تقديم حزمة تحفيزية ضخمة، قد يبقى تأثيرها على بيتكوين محدودًا بسبب تلك الضوابط. علاوة على ذلك، تعتبر العلاقة بين العملات الرقمية والسياسات الحكومية أمرًا معقدًا للغاية. فبينما تكون هناك بعض التقارير التي تشير إلى أن التحفيز قد يقود إلى زيادة في أسعار الأصول، إلا أن التجارب السابقة تبين أن العملات الرقمية يمكن أن تتعرض للتقلبات بسبب عوامل خارجية مثل التنظيمات الحكومية، والأخبار السيئة، والمخاوف العالمية. وبالتالي، قد لا يكون من الحكمة الاعتقاد بأن التحفيز الفردي من حكومة معينة يمكن أن ينقذ عملة مثل بيتكوين في وضعها الحالي. ليس هذا وحسب، بل إن هناك تحديات إضافية تواجه السوق الصحراوي للعملات الرقمية. فالحركة السريعة لتقنيات البلوكشين وأسواق الأصول الرقمية تجعل أي لاعب أو مروج للعملات الرقمية عرضة للتغيرات والمنافسة. تتزايد كمية العملات الرقمية الجديدة بشكل يومي، مما يثقل من كاهل المستثمرين ويزيد من تعقيد اتخاذ القرارات. إن هذا التنوع في الخيارات يجعل من الصعوبة بمكان على أي عملة واحدة، حتى وإن كانت بيتكوين، أن تظل الشغل الشاغل لكل مستثمر. فلا يمكن إغفال قدرة البيتكوين على التأقلم، لكن في الوقت نفسه، لا يمكن الاستهانة بالقوى الرادعة التي قد تأتي من تحركات الحكومة، خصوصًا من حكومة مثل الحكومة الصينية التي تمثل تأثيرًا كبيرًا في الساحة الاقتصادية العالمية. ممارسة هذا النوع من التأثير على بيتكوين قد تكون كافية لمقاومة أي انتعاشة مرتبطة بالتحفيز. إضافة إلى ذلك، تعتبر العوامل النفسية دورًا مهمًا في تحديد سعر بيتكوين. فالتقلبات السريعة في الأسعار، والخوف من فقدان الفرص، والمشاعر المتضاربة بين المستثمرين، يمكن أن تؤثر جميعها على الاتجاهات السعرية. فعندما يتوقع الناس أن يتحسن السعر نتيجة لبرامج التحفيز، فإن عواطفهم قد تدفعهم إلى اتخاذ قرارات سريعة مبنية على الشائعات والأخبار. لذا، فإن التوقعات المرتبطة بالتحفيز قد تثير حالة من الذعر أو الهوس تدفع الأسعار للارتفاع بشكل غير متوقع، ولكن هذا الارتفاع قد يكون مؤقتًا فقط. بناءً على هذه العوامل، يبدو أنه لا يمكن الاعتماد على التحفيز الصيني الذي يقدّر بتريليون دولار لإنقاذ بيتكوين. فبينما قد تقدم الحكومات تحفيزات مالية لدعم اقتصاداتها، فإن التأثير الفعلي على الأسواق غير قابل للتنبؤ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعملات الرقمية التي ينظر إليها كأصول عالية المخاطر. في النهاية، يبقى التساؤل مفتوحًا حول كيفية تأثير السياسات الاقتصادية العالمية على بيتكوين وغيرها من العملات الرقمية. وحيث أن الأمور ما زالت متغيرة، فإن التوقعات تبقى غير مؤكدة. لذا، يتوجب على المستثمرين أن يتحلوا بالحذر وأن يكونوا مدركين للأبعاد المختلفة التي تحيط بسوق العملات الرقمية، بدلاً من الاعتماد على آمال التحفيز الحكومي لإنقاذ الأصول الرقمية. إن الأمر يتطلب تفكيرًا تحليليًا متعمقًا ورؤية بعيدة المدى لاستثمار ناجح في هذا المجال الديناميكي.。
الخطوة التالية