تبنت البنك المركزي التنزاني نهجًا جديدًا يتمحور حول تبني العملات الرقمية المركزية للبنك (CBDC)، والذي يقوم على أسس مرحلية وقائمة على المخاطر. في بيان رسمي، أعلن البنك أنه سيبدأ هذا المشروع الهام كجزء من استراتيجيته لدعم الاقتصاد الرقمي في البلاد وتعزيز النظام المالي الوطني. تعكس هذه الخطوة اتجاهًا عالميًا نحو الابتكار المالي، حيث تسعى العديد من الدول إلى اعتماد العملات الرقمية كوسيلة لتعزيز الشمول المالي وزيادة الكفاءة في الخدمات المالية. تعتبر العملات الرقمية المركزية للبنك أدوات افتراضية تصدرها البنوك المركزية، وتمثل نسخة رقمية من العملة الوطنية. ورغم أن العديد من الدول الرائدة في الاقتصاد العالمي مثل الصين والسويد قد بدأت بالفعل في تجربة هذه العملات، فإن Tanzania تسعى إلى تبنيها بطريقة محسوبة تأخذ بعين الاعتبار المخاطر المحتملة والتحديات التي قد تواجهها. يتضمن النهج الذي تبناه البنك المركزي التنزاني خطوات تدريجية حيث سيتم اختبار العملة الرقمية في بيئات محددة قبل اعتمادها بشكل أوسع. هذا يضمن أن تكون الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذه العملة مفهومة قبل أن يتم تنفيذها على نطاق أوسع. ومن المتوقع أن تشمل المرحلة الأولى دراسة شاملة للسوق واحتياجات الجمهور، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية اللازمة. تأتي هذه الخطوة في وقت يعاني فيه الاقتصاد التنزاني من تحديات متعددة، بما في ذلك مستويات عالية من عدم الشمول المالي والاعتماد الكبير على النقد. وفقًا للإحصائيات، لا يزال هناك عدد كبير من السكان غير متصلين بالنظام المصرفي التقليدي، مما يعوق قدرتهم على الوصول إلى الخدمات المالية الأساسية. هنا تأتي أهمية العملة الرقمية المركزية، حيث يمكن أن تسهم في توفير طرق دفع أكثر سهولة وأمانًا، إذ ستتيح للأفراد والشركات إجراء المعاملات بسهولة ودون الحاجة إلى الاعتماد على النقود الورقية. أكد البنك المركزي التنزاني أن هذا المشروع سيتم تنفيذه بالتنسيق مع الشركاء المحليين والدوليين. كما سيستمر البنك في إجراء مشاورات مع المجتمع المالي والتجاري لفهم مدى استعداد السوق واحتياجاته. وبما أن التكنولوجيا المالية تتطور بسرعة، فإن استجابة البنك المركزي لهذه التحولات تمثل خطوة استباقية تهدف إلى ضمان أن تنزania تظل متوافقة مع الاتجاهات العالمية. ومن المقرر أن يتضمن التطبيق العملي للعملة الرقمية المركزية الخطوات اللازمة لضمان سلامة النظام المالي. يتطلب هذا الأمر تقييم دقيق للمخاطر المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والانتقال إلى بيئات إلكترونية. لذا، فإن تنفيذ هيكل تنظيمي واضح وآليات مراقبة سياسهم في الحد من المخاطر. كما تشمل هذه المتطلبات إنشاء نظام لتعزيز الأمان السيبراني لضمان حماية بيانات المستخدمين والمعاملات. تجدر الإشارة إلى أن العديد من الخبراء الماليين أوضحوا أنه يجب أن يتم تقديم التثقيف الكافي للجمهور حول كيفية استخدام العملة الرقمية المركزية وآمنيتها. حيث قد يؤدي نقص الفهم أو المعلومات إلى التقاعس عن استخدامها بشكل فعال. لذلك، فإن الحملات التوعوية ستكون جزءًا أساسيًا من استراتيجية البنك المركزي لجعل هذا التحول نجاحًا. ومع ذلك، يواجه البنك المركزي التنزاني عددًا من التحديات. أولاً، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار البيئة القانونية والتنظيمية، حيث إن هناك حاجة إلى وضع إطار عمل قانوني يحدد كيفية عمل العملة الرقمية، بما في ذلك حقوق الأفراد والشركات والتزاماتهم. كما يتطلب التعاون مع الجهات الحكومية المعنية لضمان تداخل مناسب مع أنظمة الدفع الحالية. ثانيًا، يجب أن يكون هناك اهتمام خاص بمسألة الوصول التكنولوجي. ففيما يمكن أن تسهم العملة الرقمية في جعل المعاملات المالية أكثر احتواءً، فإن عدم توفر التكنولوجيا في بعض المناطق قد يبقى عائقًا كبيرًا. من الضروري أن تعمل الحكومة والبنك المركزي مع شركات تكنولوجيا المعلومات لضمان أن تكون الأنظمة متاحة لجميع المواطنين. يبدو أن الاتجاه نحو تبني العملات الرقمية ليس مجرد استجابة لتغيرات السوق، بل هو استجابة للطموح الأوسع لتنزانيا لتعزيز مكانتها في الاقتصاد العالمي. يؤمل أن تسهم العملة الرقمية المركزية في تعزيز الابتكار وزيادة الاستثمارات الأجنبية، مما يعزز التنمية المستدامة في البلاد. في الختام، يمكن القول إن خطوة البنك المركزي التنزاني لتبني عملة رقمية مركزية وفق نهج مرحلي وقائم على المخاطر تمثل بداية فصول جديدة في مشهد الاقتصاد الرقمي في البلاد. هذه الخطوة ليست مجرد ابتكار تقني، بل هي رؤية شاملة لتعزيز الشمول المالي وزيادة الوصول إلى الخدمات المالية. الأمل هو أن يتمكن الشعب التنزاني من الاستفادة من هذه التكنولوجيا المتطورة بطريقة تسهم في تحقيق التنمية والتقدم.。
الخطوة التالية