في خطوة مثيرة للجدل، صرح غاري جينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، أن الوكالة لا تنوي فرض حظر على العملات الرقمية على غرار ما فعلته الصين؛ إلا أن هذا الأمر قد يعتمد على الكونغرس. تأتي هذه التصريحات في ظل القلق المتزايد في أوساط صناعة العملات الرقمية بشأن احتمال فرض قيود حكومية قد تقيد أو تحظر هذه الأصول الرقمية بشكل كامل. تحدث غاري جينسلر خلال جلسة استماع لمجلس النواب، حيث رد على تساؤلات أحد الأعضاء، وهو النائب الجمهوري تيد بد، الذي أشار إلى ما قامت به الصين من حظر شامل لتداول العملات الرقمية. وذكر جينسلر أن هذا النوع من الإجراءات يعود إلى الكونغرس وليس للجنة الأوراق المالية. وأضاف: "أعتقد أن العديد من هذه الرموز تتوافق مع معايير كونها عقود استثمار أو سندات، وبالتالي فإنها تقع تحت إشراف SEC". في الوقت الذي يسود فيه القلق في أسواق العملات الرقمية، يقف جينسلر موضحًا أن هناك فروقات جوهرية بين سياسة الولايات المتحدة ونظيرتها في الصين. فقد أعلنت البنك المركزي الصيني مؤخرًا عن جعل معاملات العملات الرقمية غير قانونية، وهو إجراء يأتي في سياق طويل من السياسة التي اتبعتها الحكومة الصينية تجاه الأصول الرقمية على مدى العقد الماضي. ومن خلال تعليقه، أشار جينسلر إلى أن منهجية SEC تتجه نحو ضمان حماية المستثمرين والمستهلكين من المخاطر المرتبطة بالعملات الرقمية، بالإضافة إلى الالتزام بقوانين مكافحة غسل الأموال والتقيد بأنظمة الضرائب. وتعمل الهيئة على تقييم كيفية معالجة القضايا المتعلقة بالعملات المستقرة، والتي قد تثير العديد من التحديات من حيث التوجيهات التنظيمية. تأتي تصريحات جينسلر وسط تزايد الضغوط على الوكالة لوضع إطار تنظيمي أكثر وضوحًا للاستثمار في العملات الرقمية. وعبر أعضاء الكونغرس عن مخاوفهم من أن التصريحات الغامضة من قبل SEC تؤدي إلى عدم اليقين في السوق وتضر بمصالح المستثمرين. فقد انتقد النائب باتريك مكهنري جينسلر بقوة في نفس الجلسة، ملقيًا باللوم عليه في صنع انطباع عن عدم الوضوح حول تعريف الأصول الرقمية، مما أدى إلى زعزعة استقرار السوق. قال مكهنري: "بعض هذه التعليقات التي قمت بها أثارت تساؤلات في السوق وجعلت الأمور أقل وضوحًا". وأوضح أنه يجب على الهيئة التنظيمية أن تتبع الإجراءات اللازمة قبل تقديم أي تغييرات أو قرارات قد تؤثر على السوق. تطرق جينسلر أيضًا إلى اقتراح خاص بالملاذ الآمن من قبل المفوضة هيسر بيرس، الذي يهدف إلى منح مطوري الشبكات الرقمية فترة سماح لمدة ثلاث سنوات لتطوير منصاتهم دون الحاجة إلى الامتثال لقوانين الأوراق المالية الفيدرالية. وعلى الرغم من الاعتراف بأهمية هذا الاقتراح، شدد جينسلر على ضرورة حماية المستثمرين لتجنب الأضرار المحتملة. التحذيرات التي صدرت من جينسلر تعكس توجهًا متصاعدًا بين الهيئات التنظيمية للتركيز على السلامة التنظيمية للاقتصاد الرقمي. وفي الأثناء، يبقى السؤال محوريًا حول ما إذا كانت هيئات مماثلة ستعتمد سياسات أكثر صرامة في المملكة المتحدة أو أوروبا، ما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم القلق في هذا السوق المتقلب. من الواضح أن هناك الكثير من المناقشات والآراء المتباينة حول كيفية تنظيم العملات الرقمية. فبينما يرى بعض المشرعين ضرورة تشديد القوانين، يعبر آخرون عن ضرورة الابتكار وحماية حقوق المستثمرين بطرق تساعد على نمو الصناعة. تُظهر هذه الديناميكيات الأزمة المتزايدة في القطاع المالي العالمي، حيث يحتاج المشرعون إلى الموازنة بين حماية المستهلك وتعزيز الابتكار. جاءت ملاحظات جينسلر كدليل على أنه بينما قد لا تعتزم لجنة الأوراق المالية والبورصات اتخاذ خطوات جذرية كما حدث في الصين، إلا أن الأضواء موجهة نحو الكيفية التي يمكن أن يتصرف بها الكونغرس في المستقبل. في العالم الرقمي سريع التطور، يجب على حكومات الدول أن تحدد كيفية التفاعل مع هذا النوع الجديد من الأصول لتحسين الثقة العامة وحماية المستثمرين. باختصار، يضع موقف غاري جينسلر النقاط على الحروف بخصوص المستقبل القريب للعملات الرقمية في الولايات المتحدة. ورغم عدم اعتزام الهيئة فرض حظر شامل، إلا أن الأمر قد يتحول إلى ساحة صراع قوانين ومقترحات بين الكونغرس وجهات النظر المختلفة حول أسواق الأصول الرقمية. مع استمرار نمو هذه الصناعة، يبقى لدى المشرعين أوقات عصيبة لضمان أن التكيف مع الأصول الجديدة يحسن من البيئة الاستثمارية دون المخاطرة بمصالح الأفراد. إذا استمر هذا الجدل، فقد لا يقتصر الأمر على مجرد تنظيم الأسواق، بل قد يتطلب الأمر أيضًا إعادة النظر في الطريقة التي تتعامل بها المؤسسات المالية مع الابتكارات التكنولوجية الجديدة. الأمر الذي قد يغير شكل الاقتصاد الرقمي في المستقبل ويخلق فرصًا جديدة، لكنه يتطلب عمل دؤوب وتعاون بين المعنيين لتحقيق التوازن المطلوب.。
الخطوة التالية