في مقابلة حصرية مع شبكة CNN، تحدثت نائبة الرئيس الأمريكي السابقة، كامالا هاريس، عن مجموعة من القضايا المهمة التي تواجه الأمريكيين في الوقت الراهن. تأتي هذه المقابلة في وقت حساس، حيث تتوسط هاريس في معركة الانتخابات الرئاسية لعام 2024، بعد أن انسحب الرئيس جو بايدن من السباق. تحدثت هاريس بصراحة عن تغيير مواقفها بشأن بعض القضايا التي كانت قد عُرفت بها مسبقًا، محاولة إقناع الناخبين بأنها تحتفظ بقيمها الأساسية ولكن تسعى أيضًا لبناء توافق في الآراء. بدأت هاريس المقابلة بالتطرق إلى الدور الذي تلعبه قضايا الطاقة في السياسة الأمريكية، حيث حملت رسالة مهمة حول التوجهات الجديدة في مجال الطاقة وتجديد الاقتصاد. قالت إنها لا تخطط لحظر تقنية "التكسير الهيدروليكي" (Fracking) التي تعتبر جزءًا أساسيًا من اقتصاد ولاية بنسلفانيا، المعروفة بمواردها الغازية. وهذا الإعلان يأتي في ظل الضغوط المتزايدة من الحزب الجمهوري الذين انتقدوا سياسات هاريس السابقة في هذا الشأن. ثم انتقلت هاريس إلى موضوع الهجرة، حيث تم سؤالها عن موقفها بشأن مسألة تجريم الدخول غير القانوني إلى الولايات المتحدة. وكانت قد عرضت مواقف سابقة تدعو إلى المزيد من التسامح، ولكن خلال المقابلة، أكدت على ضرورة وجود "عواقب" لمن يدخل البلاد بشكل غير قانوني. هذه التصريحات كانت تعبيرًا عن رغبتها في تبني نهج أكثر اعتدالًا مع الاحتفاظ بمسؤولية الحكومة لحماية حدود البلاد. وعندما سُئلت عن التحديات الاقتصادية التي تواجه الطبقة الوسطى، قدمت هاريس عددًا من الاقتراحات التي تهدف إلى تحسين حياة الأمريكيين. صرحت بأنها تسعى لإنشاء "اقتصاد الفرص"، حيث ستستثمر في الشركات الصغيرة، وتعمل على خفض تكاليف السلع اليومية، وتوفير دعم أسرٍ مع تحمل تكاليف التعليم والرعاية الصحية. وفي هذا السياق، أكدت عن أهمية تعزيز الإسكان الميسور التكلفة، وهو موضوع انتقده البعض بأن إدارته لم تعطيه الأهمية التي يستحقها. علاوة على ذلك، تحدثت عن خطة لتوفير ائتمان ضريبي للأطفال بمقدار 6000 دولار، وهو اقتراح يهدف إلى دعم الأسر الأمريكية المعنية. هذا الاقتراح يبدو مدروسًا بعناية حيث يمكن أن يساعد في التخفيف من الأعباء المالية للعائلات ويعكس التزام هاريس بتحسين حياة الناس اليومية. خلال المقابلة، حاولت هاريس تقديم نفسها كسياسية قادرة على الاستماع للجميع والعمل مع الجميع، بما في ذلك الأعضاء في الكونغرس من الحزب الجمهوري. وأشارت إلى مشاريع قوانين تم تنفيذها بنجاح، كان لها دور كبير في تحقيق التوازن وتحسين الحياة في المجتمع. هذا التوجه يؤكد على استراتيجيتها في بناء جسر بين الأفكار والمصالح المختلفة، بغية تحقيق نتائج إيجابية للجميع. ولفتت هاريس إلى أهمية القيم التي تحكم قراراتها، مشيرة إلى أن هذه القيم لم تتغير رغم الانتقادات التي تعرضت لها بسبب تعدد مواقفها. وأكدت على ضرورة وجود قواسم مشتركة، وأن الوصول إلى حلول فعلية يتطلب الرغبة في التفاهم والتوصل إلى توافق. في حين أن هاريس تواجه تحديات كبيرة كمرشحة، خصوصًا بعد انسحاب بايدن، إلا أنها تبدو مصممة على تحويل الانتقادات إلى نقاط قوة. تحاول بذكاء التركيز على مواضيع تهم الناخبين من مختلف المشارب، مما يمكن أن يسهل الوصول إليهم في إطار انتخابات 2024. في واقع الأمر، ستحاول هاريس استغلال أي فرصة لتعزيز موقفها في ظل مشهد سياسي متنوع ومعقد. إذ أن سياسة الحوار والاعتدال التي تتبناها قد تكون سلاحًا فعالًا في جذب الناخبين المستقلين وذوي الميول المعتدلة الذين يرغبون في رؤية تحولات ملموسة في نهج الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، جاء موقف هاريس في المقابلة مع تعهدات بالالتزام بدعم حلف شمال الأطلسي (الناتو) والفيديوات الخارجية، بما في ذلك أوكرانيا، مما يعكس مواقفها الدولية وقدرتها على التأثير في السياسة الخارجية. ويرى العديد من المراقبين أن هذا يمكن أن يعزز موقفها بين الناخبين الذين يهتمون بالقضايا الخارجية والأمن القومي. تعطي هذه المقابلة انطباعًا حيويًا عن شخصية هاريس كمرشحة رئاسية. إصرارها على الحديث حول القضايا الاقتصادية والبيئية، فضلاً عن الاعتراف بتحديات الهجرة، يجعلها شخصية بارزة في المشهد السياسي الأمريكي. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الاستراتيجيات ستنجح في إقناع الناخبين ودفعهم لدعمها في الانتخابات القادمة. خلاصة القول، إن كامالا هاريس تسعى، من خلال هذه المقابلة، إلى إعادة تشكيل صورتها السياسية وتقديم رؤية متكاملة تستهدف تحقيق مصالح الشعب الأمريكي. وفي ظل كل هذه التحديات، تبقى الأنظار مشدودة نحو ما ستقدمه في المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بقدرتها على المنافسة في الانتخابات الرئاسية.。
الخطوة التالية