كيف تفكر بوضوح وتتخذ قرارات أفضل: أسرار النجاح من شين باريش

في عالمنا السريع والمتغير، أصبح التفكير بشكل واضح واتخاذ قرارات أفضل حاجة ملحة. يعاني الكثيرون من ضغوطات الحياة اليومية، مما يؤثر على قدرتهم على اتخاذ قرارات صحيحة تؤثر على حياتهم الشخصية والمهنية. في هذا السياق، نجد أن هناك العديد من الأدوات والأساليب التي يمكن أن تساعد الأفراد على تحسين عملية التفكير واتخاذ القرار. أحد الأسماء البارزة في هذا المجال هو شين باريش، الذي اشتهر بدراساته حول فن اتخاذ القرار. وفي كتابه الجديد "التفكير الواضح: تحويل اللحظات العادية إلى نتائج استثنائية"، يستعرض شين كيف يمكن أن تؤثر اللحظات العادية في حياتنا بشكل عميق على المسارات التي نتخذها. يبدأ شين بالتأكيد على أن معظم الناس يميلون إلى التفكير بشكل أكثر عقلانية عندما يتعلق الأمر بالقرارات الكبرى مثل اختيار شريك الحياة أو تغيير الوظيفة. ومع ذلك، اللحظات العادية التي نعيشها بشكل يومي قد تؤدي إلى التقدم أو الفشل. فمثلاً، في مواقف لم نتوقعها، قد يؤدي عدم التفكير بشكل واضح إلى جدالات صغيرة، مثل كيفية ترتيب الصحون في غسالة الصحون، إلى تفجير عواطفنا وتفاقم الموقف. إحدى المفاهيم الأساسية التي يتناولها شين هي مفهوم "التوجيه" أو "التموقع". يوضح أن الأشخاص الذين يتخذون قرارات ناجحة غالباً ما يكونون في مراكز قادرة على تسهيل قراراتهم. باستخدام مثال وارن بافيت، يُظهر شين كيف يعمل بافيت على وضع نفسه في مواقف رابحة، بغض النظر عن ظروف السوق. "إنه يتخذ قراراته من موقع قوي، مما يجعله يفوز في معظم السيناريوهات"، كما يقول شين. ومع ذلك، ليس من الضروري أن تكون عبقريًا لتكون ناجحًا في اتخاذ القرارات. الأهم هو القدرة على الاستفادة من الوضع الذي أنت فيه. إذا كنت في موقف جيد، فإن فرصك في النجاح تزداد بشكل كبير. وهذا يتطلب منك التوقف لحظة لتقييم وضعك واستخدام استراتيجيات تعتمد على التفكير الواضح. وإحدى هذه الاستراتيجيات هي "نموذج العمل بالذكاء". حيث يتمثل هذا في العمل بذكاء أكثر، بدلاً من العمل بجهد أكبر فقط. بعض الأفراد يشعرون بأن العمل الجاد هو الحل الوحيد لأي مشكلة، لكن هؤلاء غالبًا ما يواجهون سقفًا يحد من قدرتهم على التطور. "سقف الجهد المبذول" هو مصطلح يستخدم لوصف الحد الذي يمكن أن يصل إليه الشخص إذا كان يعتبر فقط الجهد كوسيلة للنجاح. يجب على الأفراد أن يتحلوا بالشجاعة والقدرة على التخلي عن بعض العادات القديمة التي كانت مفيدة في الأوقات السابقة، مثل العمل لساعات طويلة دون تفكير عميق. بل يجب أن يتحلوا بالجرأة للاستثمار في الوقت المخصص للتفكير الاستراتيجي، لتحديد الأولويات، ولتصميم مستقبلهم بشكل مدروس. عبر الالتزام بمفهوم "هوامش الأمان"، يشير شين أيضًا إلى أهمية الاستمرار في الاستثمار في الذات والصمود في وجه التحديات. ويقول إنه "من الضروري أن تكون لديك خطة بديلة وأن لا تعتمد فقط على الدعم الخارجي". هذا يمكن أن يعني تجنب الاعتماد المفرط على التمويل من المستثمرين واستهداف الربحية من البداية. إذا نظرنا إلى الشركات الناشئة، فإن الكثير منها يتعرض لضغوط من المستثمرين للتركيز على النمو السريع على حساب الاستدامة. الحل هنا هو تحديد هل تركز على الربح أو تكبر بسرعة؟ يجب على كل مؤسس أن يحدد معايير النجاح الخاصة به بدلاً من الاعتماد على ما يراه الآخرون. فالأفضل أن تُركز الشركة على البقاء على قيد الحياة والنمو من خلال استراتيجيات مدروسة، بدلاً من الرضوخ للضغوط الخارجية. الفكرة المركزية التي يروج لها شين هي الحاجة إلى التفكير في نتائج قراراتنا. إذا كنت تخطط للتحرك في اتجاه معين، فاسأل نفسك "وماذا بعد؟" هذا النهج في التفكير الثاني سيشجعك على الاستعداد لنتائج القرارات قبل اتخاذها، مما يمنحك القدرة على اتخاذ خيارات واعية. إن التفكير المنظم واختيار القرارات بدقة يتطلب أيضًا استثمار الوقت في الأنشطة التي تعتبر ذات أهمية على المدى البعيد، مثل ممارسة الرياضة أو تطوير المهارات الشخصية. التحلي بالصبر وتخصيص الوقت لممارسة الأنشطة التي قد لا تبدو ذات أهمية في اللحظة الحالية، يمكن أن يؤدي إلى فوائد كبيرة على المدى البعيد. هذا هو جوهر ما يعلمه باريش، بأنه يجب أن نأخذ الوقت الكافي للتفكير في قراراتنا ونتائجها، ونستثمر وقتنا ومواردنا في اتخاذ القرارات الفعالة. الأداء العالي يتطلب التركيز على اللحظات العادية التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج استثنائية. وفي نهاية المطاف، يتلخص الموضوع في أهمية اتخاذ قرارات مدروسة تعتمد على التفكير الواضح، مما يساعد الأفراد على تحقيق تحول ملحوظ في حياتهم. بالعمل على بناء الأسس الصحيحة من خلال تحديد القرارات السليمة واتخاذ الإجراءات الصائبة في اللحظات العادية، يمكن للجميع أن يحققوا نتائج استثنائية. إن القدرة على التفكير بوضوح لا تعود بالفائدة فقط على الفرد بل تؤثر أيضًا في الدائرة الاجتماعية والمهنية المحيطة به، مما يجعل العالم من حوله مكانًا أفضل. لذا، فكر بوضوح، اتخذ قرارات مدروسة، وكن ما تريد أن تكونه في حياتك.。