في زوايا السوبرماركت الإسباني، وعلى أرفف الفواكه والخضار، تنمو قصص عاطفية غير متوقعة. هذا ما اكتشفته عندما قررت خوض تجربة غير مألوفة تمامًا، إذ قيل لي إن الشباب الإسباني بدأوا يتجنبون تطبيقات المواعدة التقليدية. بدلاً من ذلك، أصبح البحث عن الحب يتمحور حول أوقات معينة في السوبرماركت، باستخدام رمز غير مألوف: أناناس مقلوب. هذه الفكرة في البداية بدت غريبة، ولكن وراءها قصة مثيرة قد تثير اهتمام الكثيرين. وصلت إلى برشلونة في أحد الأيام المشمسة، وكانت حساباتي تشير إلى أن قضائي وقتًا في السوبرماركت من الممكن أن يكون أفضل من الجلوس في المقهى على الإنترنت. قمت بالتجهيز جيدًا، وتحملت عبء الأناناس المقلوب، هذا الرمز الذي قالوا إنه علامة للبحث عن شريك. وبمجرد أن دلفت إلى السوبرماركت، بدأت رحلة البحث عن الحب بطريقة لم أتخيلها من قبل. داخل السوبرماركت، تجولت بين الممرات، وكأني في رحلة استكشافية. كانت الأضواء الساطعة والموسيقى الخفيفة تخلق أجواء غير تقليدية. وضعت الأناناس في سلتي، وأضفت إليها بعض الخضار، لأظهر للآخرين أنني هنا لسبب مختلف. كانت كل حركة أقوم بها بغرض التفاوض والتواصل مع الآخرين. وتحدثت إلي بعض المارة، ورغم أنهم كانوا معروفين بـ "الوقاحة" الإسبانية، إلا أنني شعرت بشيء من الجد بين هذه اللحظات العاطفية. كانوا ينظرون بفضول إلى سلتي وأنا أستعرض محتوياتها. ثم، فجأة، عثرت على رجل يقترب. كان شابًا وسيمًا، يحمل سلة مليئة بالمأكولات البحرية. نظر إلي وسألني عما إذا كان الأناناس في سلتي يعني أنني مهتمة بموعد غرامي. تبادلنا بعض الكلمات، ولأول مرة، شعرت بأن الفكرة التي بدت سخيفة قبل ساعات قليلة قد تتحول إلى واقع. كان هذا الشاب يتمتع بروح مرحة، وقد بدأ الحوار بشكل طبيعي. بعد بضع دقائق، اتفقنا على تناول القهوة سويًا. داخل السوبرماركت، تلك اللحظات عابرة، لكن من الواضح أن هناك شيئًا مميزًا بيننا. بينما كنت أجلس مع "رجل الأناناس" في أحد المقاهي القريبة، أدركت أن الفكرة التي أطلقتها وسائل التواصل الاجتماعي حققت نجاحًا غير متوقع. أصبحت السوبرماركتات مسارًا جديدًا للبحث عن الحب، بعيدًا عن القيود التي فرضتها التطبيقات. كان اللجوء إلى أماكن غير تقليدية يعكس روح التفاعل البشري بمزيد من العفوية خلف خطوط الحياة اليومية. بعد قضائي وقتًا ممتعًا مع الشاب، قررت أن أستمر في التجربة. بالعودة إلى السوبرماركت، وجدت نفسي أتحدث مع غرباء آخرين. هذا جعلني أدرك أن التفاعل البشري هو ما ينقصنا في عالم يزداد اعتماده على التكنولوجيا. بصرف النظر عن الأناناس والرموز الغريبة، كان الناس يبحثون عن الاتصال، التعبير عن أنفسهم، وتكوين صداقات جديدة أو حتى علاقات عاطفية. ولكن كما هو الحال في الحياة، لم يكن الأمر سهلًا للجميع. هناك أوقات كنت أشعر فيها بالوحدة، والأوقات التي كنت أتجول فيها في الممرات مع شعور بالإحباط لأنه لا يُظهر العلامة ولكن لا أحد يتفاعل مع ساعده. حتى في الأوقات التي كنت فيها محاطة بأشخاص، لم أستطع أن أنكر شعوري بقليل من الخجل والريبة تجاه ما أقوم به. ومع ذلك، كانت هناك لحظات مذهلة. وأخيرًا وليس آخرًا، بعد سلسلة المحاولات الفاشلة، تعرفت على مجموعة من الأصدقاء الجدد الذين كانوا أيضًا يجرون تجاربهم الخاصة في الحب. وافقنا على الاجتماع في السوبرماركت مرة أخرى، ولكن هذه المرة، كل واحد منا حوله تحدي. كان علينا استخدام رموزنا الخاصة، لكن الأهم من ذلك، إيجاد طرق للتواصل والاستمتاع. مع مرور الوقت، اكتشفت أن التجربة كانت أكثر من مجرد بحث عابر عن الحب، لقد أصبحت درسًا تجريبيًا عن الحياة والاتصال البشري. أحيانًا، قد تكون الأوقات العشوائية في أماكن غير تقليدية هي التي تجمع الناس. وعدت نفسي بأن أستمر في استكشاف السوبرماركت، ليس فقط من أجل البحث عن الحب، ولكن أيضًا لإيجاد تلك اللحظات السعيدة في التفاعل مع الآخرين. أدركت أن الخيارات غير التقليدية كانت هي ما كانت تميز رحلتي، وأصبح الأمر أكثر من مجرد رؤية الأشياء بطرق جديدة. في النهاية، لم أجد الحب الذي كنت أبحث عنه في الزوايا الخفية للسوبرماركت، ولكنني وجدت عددًا من الصداقات المتجددة وتجارب جميلة لا تُنسى. كما أن قصة الأناناس المقلوب ستبقى جزءًا من ذكرياتي، وستصبح رمزًا عن عدم إمكانية التنبؤ بما يمكن أن يحدث في حياتنا اليومية. إذا كنت تبحث عن مغامرة أو فرصة لتجربة تواصل بشري، لا تتردد في التفكير في السوبرماركت كمكان غير تقليدي للبحث عن الحب. قد تكون الحياة مليئة بالمفاجآت، والأماكن غير المتوقعة قد تكون ما تحتاجه لإيجاد الارتباط الذي تبحث عنه.。
الخطوة التالية