تحت المجهر: السلطات في سنغافورة تحقق في مشروع وورلد كوين بسبب مخاوف تتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب في خطوة جاءت بعد سلسلة من الأحداث المثيرة للجدل، أصبحت سلطات سنغافورة بأكملها تشكك في مدى سلامة استخدام مشروع العملات الرقمية وورلد كوين، حيث بدأت بإجراء تحقيقات مكثفة في إدعاءات حول غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. تبرز هذه القضية كمثال جديد في تبعات محاولة الابتكار الرقمي ومواجهة المخاطر التي قد تنجم عنه. ورلد كوين هو مشروع يعتمد على تقنية البلوك تشين ويهدف إلى خلق عملة رقمية عالمية تستهدف تحقيق تكامل اقتصادي وسهولة في المعاملات المالية. لكن بعد تحذيرات من السلطات المالية في سنغافورة، أبدت الدولة قلقها العميق من الأنشطة غير القانونية التي تُمارس بشأن بيع حسابات وورلد كوين وتوكناتها بشكل غير مرخص. وقد أشار المسؤولون إلى أن هذه الأنشطة قد تفتح المجال أمام استغلال وغسل الأموال. غان كيم يونغ، نائب رئيس الوزراء ورئيس سلطة النقد في سنغافورة، صرح بأن التحقيقات تتعامل مع مجموعة من الأفراد المتورطين في عمليات البيع غير المرخصة لحسابات وتوكنات وورلد كوين. وقد أظهرت التحقيقات الأولية أن هؤلاء الأفراد كانوا يقدمون خدمات مرتبطة بوورلد كوين بدون الحصول على التراخيص المطلوبة، مما يعد انتهاكًا واضحًا لقانون خدمات الدفع المعتمد في البلاد. وبينما تحذر الجهات الرقابية المواطنين من التعامل مع هذه الحسابات بشكل غير قانوني، فإن السلطات تجري تحقيقات موسعة للكشف عن هويات المتورطين وأسباب انخراطهم في هذه الأنشطة. التحذيرات تتضمن نصائح واضحة للمستخدمين بضرورة البقاء على حذر من العروض التي تشجعهم على نقل وصولهم إلى محفظتهم الرقمية أو هوية وورلد كوين الخاصة بهم. تستند هذه المخاوف إلى احتمالية استغلال الحسابات غير المصرح بها في تمويل الأنشطة الإجرامية، حيث أبرزت الشرطة أن العمليات غير المرخصة قد تُستخدم كقناة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب. ولتسليط الضوء على حجم المشكلة، أصدرت الشرطة في سنغافورة تحذيرًا علنيًا في 7 أغسطس، مشيرةً إلى أن هناك مخاطر حقيقية من منح هؤلاء الأفراد حق الوصول إلى الحسابات. وفي الوقت ذاته، يُعزى القلق المتزايد من استخدام وورلد كوين إلى نظام جمع البيانات البيومترية الخاص به، الذي يعتمد على مسح قزحية العين للتحقق من الهوية. هذا النظام قد ألهم جدلًا كبيرًا حول مدى حماية بيانات المستخدمين، وكيفية استخدام هذه المعلومات الحساسة. وفي الوقت الذي يسعى فيه مشروع وورلد كوين إلى بناء شبكة واسعة من المستخدمين تحت شعار "توفير الخدمات المالية للجميع"، يتساءل البعض عما إذا كانت هذه الخدمات تتوافق مع التشريعات والتوجيهات الخاصة بحماية البيانات. خلال الأعوام القليلة الماضية، وجهت هيئات الرقابة في العديد من الدول توبيخات لممارسات وورلد كوين، حيث أشارت دول مثل الهند وكوريا الجنوبية وكينيا وألمانيا والبرازيل إلى مخاوفها بشأن جمع بيانات القزحية. فقد أقدمت السلطات الأوروبية على إيقاف جمع البيانات البيومترية الخاصة بالمستخدمين، حيث أثير العديد من المخاوف حول إمكانية انتهاك قوانين حماية البيانات. في نفس السياق، أوقفت إسبانيا جمع بيانات وورلد كوين في مارس 2023 كخطوة استباقية تهدف لحماية مستخدميها. ومع ذلك، يبدو أن وورلد كوين تستمر في تجاوز تلك التحديات وتقديم خدماتها للعديد من المستخدمين حول العالم. وقد أعلنت الشركة أنها استطاعت تجنيد أكثر من 10 ملايين مستخدم بحلول أبريل 2024، الأمر الذي أكد نجاعة استراتيجيتها التوسعية. ومع أن وورلد كوين تحاول بناء سمعة إيجابية في سوق العملات الرقمية، إلا أن المخاوف العامة ما زالت تسيطر على الأذهان. يعتبر الكثيرون أن عدم وجود إشراف قانوني يكفي لحماية المستخدمين في هذا المجال يتيح مجالًا واسعًا للممارسات الاحتيالية واستغلال الثغرات الأمنية. ومع انطلاق هذه التحقيقات في سنغافورة، تبدو الأمور أكثر تعقيدًا، مما يطرح تساؤلات حول كيفية تحقيق توازن بين الابتكار المالي وحماية المستخدمين. وفي قاع هذه القضية، يشعر الجمهور بأن ثمة حاجة ملحة لضمان سلامة وأمان المعاملات الرقمية، حيث يظهر كيف أن الابتكار في المجال المالي يمكن أن يكون سلاحًا ذو حدين. على الرغم من أن التقنية توفر مجموعة متنوعة من الحلول المالية، إلا أن عدم وجود إطار تنظيمي مناسب يمكن أن يؤدي إلى تفشي الأنشطة غير المشروعة. ختامًا، تعكس قضية وورلد كوين التحديات المتزايدة التي تواجه قطاع العملات الرقمية في العالم. ومع تزايد القضايا المرتبطة بالجرائم المالية، قد يكون لسلطات سنغافورة شرف المبادرة في تبني التشريعات المناسبة التي تضمن الحد من خطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تبقى الأنظار متجهة نحو كيفية تطور الأمور وكيف سيؤثر ذلك على مستقبل العملات الرقمية في سنغافورة وحول العالم.。
الخطوة التالية