تشهد منصات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة تغييرات عميقة في سلوك مستخدميها، حيث اتجه العديد منهم إلى البحث عن ملاذات جديدة توفر لهم تجربة أقل توتراً وأكثر تخصيصاً. ومن بين هذه المنصات، تبرز كل من "سترافا" و"ليتربوكسد"، اللتين شهدتا نمواً ملحوظاً في عدد المستخدمين، مما يشير إلى رغبة متزايدة في استخدم الوسائل الاجتماعية بطريقة أكثر إيجابية. تأسست "سترافا" في عام 2009، وهي منصة تروج لأسلوب حياة نشط من خلال تتبع الأنشطة الرياضية مثل الركض وركوب الدراجات والمشي. يعتمد التطبيق على استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لتسجيل المسافات ومراقبة الأداء، مما يجعله مثالياً للرياضيين والمحترفين على حد سواء. خلال السنوات الماضية، استحوذت "سترافا" على اهتمام عدد كبير من الهواة والرياضيين الذين يسعون إلى مشاركة إنجازاتهم الرياضية مع الآخرين، بما يسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية وحفز الآخرين على ممارسة الرياضة. من ناحية أخرى، تم إطلاق "ليتربوكسد" في عام 2017، وهي منصة تركز على عشاق السينما. توفر للمستخدمين فرصة تسجيل ومشاركة الآراء حول الأفلام، وإنشاء قوائم الأفلام المفضلة، والتفاعل مع مجتمعات من نفس الاهتمامات. مع تزايد عدد محبي السينما والمشاهدين، أصبحت "ليتربوكسد" مكاناً يُجمع فيه عشاق الأفلام، حيث يمكنهم مناقشة الأفلام وتبادل التوصيات. السبب الرئيسي وراء تزايد الإقبال على هاتين المنصتين هو البحث عن تجربة الإنترنت الفريدة التي تبتعد عن التوتر والمشاكل المعتادة التي تواجه مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية. العديد من المستخدمين بدأوا يشعرون بالإرهاق من الضغوط الاجتماعية والتوقعات الزائدة عن التعليقات والتفاعلات السلبية، مما دفعهم إلى البحث عن منصات تتيح لهم تجربة مختلفة. تقدم "سترافا" مثلاً بيئة تشجع على المنافسة الإيجابية والتواصل المباشر بين الأعضاء. فبدلاً من التنافس حول إعجابات أو مشاهدات، يركز المستخدمون على تحسين أدائهم الرياضي والتواصل حول التحديات المشتركة. هذا الأمر يخلق مجتمعاً يسوده الدعم المتبادل وتحفيز الأعضاء لتحقيق أهدافهم الصحية. أما "ليتربوكسد"، فهي تجذب المستخدمين من خلال قدرتها على بناء مجتمع من عشاق السينما. يتيح التطبيق للمستخدمين إمكانية مناقشة الأفلام وتقييمها بطرق متنوعة. كما يمكن للأعضاء رؤية تفاعل أصدقائهم مع الأفلام، مما يعزز الانطباع بأنهم جزء من مجتمع أكبر يشاركهم نفس الاهتمامات. ليس من الغريب أن نجد أن العديد من المستخدمين يفضلون هذه المنصات الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية مثل فيسبوك وتويتر. حيث تركز هذه المواقع على الحياة اليومية والتفاعلات غير الملائمة، بينما تمنح "سترافا" و"ليتربوكسد" لمستخدميها فرصة العيش في مجتمعات تهتم بالنشاط البدني والفن، على التوالي. عند النظر إلى "سترافا"، نجد أن التركيز على الصحة واللياقة البدنية له أثر كبير على نفسية الأفراد. إذ إن ممارسة الرياضة أو حتى مشاركة الإنجازات الرياضية بشكل دوري يساهم في تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالإنجاز. كما أن دخول المستخدمين في تحديات رياضية وأداء تمارين جماعية عبر تطبيق "سترافا" يساعد في بناء صداقات جديدة قائمة على الاهتمام المشترك وتعزيز الروابط الاجتماعية. بينما بالنسبة لـ"ليتربوكسد"، تساعد تجربة مشاهدة الأفلام المشتركة على تعزيز التواصل بين الأفراد. إذ يمكن للمستخدمين تكوين صداقات جديدة من خلال المناقشات حول الأفلام المفضلة أو حتى اكتشاف أفلام جديدة من خلال توصيات الأصدقاء. كما يُمكن لهذه المنصة تعزيز الإبداع لدى المستخدمين من خلال إمكانية كتابة مراجعات نقدية للأفلام التي شاهدوها، مما يشجع على التعبير عن الآراء ومشاركة التفكير النقدي. تعد هذه الموجة من المنصات المتخصصة دليلاً على الحاجة المتزايدة لمناطق تواصل اجتماعي أكثر إيجابية. إذ يُفضل العديد من الأشخاص المنصات التي تعزز من هواياتهم ومهاراتهم بدلاً من الانخراط في محادثات حول القضايا الاجتماعية والسياسية المثيرة للجدل. وبالتالي، تصبح "سترافا" و"ليتربوكسد" مراكز تجمع لأفراد يبحثون عن تجربة تواصل تعزز من تجربتهم الحياتية وتحقق لهم الفائدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تصميم هذه المنصات يعد عاملاً حاسماً في زيادة شعبيتها. حيث توفر واجهات مستخدم بسيطة وسهلة الاستخدام، مما يسهل على المستخدمين الانخراط ومشاركة المحتوى بدون تعقيدات. كما يتم تحديث هذه المنصات باستمرار لتلبية احتياجات ورغبات المستخدمين، مما يعزز من ولائهم للمنصة. في الختام، يمكن القول إن "سترافا" و"ليتربوكسد" تمثلان تكنولوجيات جديدة تستجيب لاحتياجات مستخدميها الذين يبحثون عن ملاذات آمنة وموثوقة من ضغوط وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية. هذا التحول يبرز أهمية بناء مجتمع قائم على الاهتمامات المشتركة والدعم المتبادل، مما يمثل مستقبلاً واعداً لهذه المنصات التي بدأت تستقطب المزيد من المستخدمين في مختلف أنحاء العالم.。
الخطوة التالية