تعمل الحكومة الإندونيسية على صياغة لوائح تنظيم ضريبة الكربون، وذلك في إطار جهودها للحد من انبعاثات الكربون وتعزيز الاقتصاد الأخضر. هذا ما أشار إليه وزير المالية، سري مولياني إندراواتي، خلال قمة إندونيسيا للحياد الكربوني التي عُقدت في جاكرتا مؤخرًا. يتطلب هذا المشروع الكبير تعاوناً مستمراً بين الحكومة والقطاع الخاص والأكاديميين والمجتمع المدني. تعتبر ضريبة الكربون واحدة من التدابير الهامة التي يمكن أن تساعد إندونيسيا في تحقيق أهدافها الخاصة بتقليل الانبعاثات. وقد أوضح الوزير سري مولياني أن الحكومة تعمل على تطوير إطار قانوني واقتصادي لهذا النظام، إذ لا يزال العمل جاريًا على تحديد تفاصيل التطبيق. تتضمن المرحلة الأولى من تطبيق ضريبة الكربون القطاع الكهربائي، حيث يهدف ذلك إلى إنجاز تقييم شامل للانبعاثات الناتجة عن هذا القطاع. ويشير المسؤولون إلى أن هذه المرحلة من الضريبة ستغطي حوالي 48% من إجمالي الانبعاثات الناتجة عن الطاقة، في حين ستتوسع المرحلة الثانية لتشمل النقل بالوقود الأحفوري، ما سيساعد في معالجة نسبة إضافية من الانبعاثات. إذا تم تطبيق هذه السياسات بشكل فعال، فإنه من المتوقع أن يشمل النظام الجديد نحو 71% من الانبعاثات في قطاع الطاقة، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لأهداف الحكومة لمكافحة التغير المناخي. كان من المقرر عرض تفاصيل أكثر حول التوقيت المحدد لتطبيق ضريبة الكربون، إلا أن سري مولياني أوضحت أن التنفيذ الفعلي يعتمد على التقييم الشامل للجاهزية الاقتصادية والصناعية للبلاد. تشير التقديرات إلى أن الحكومة الإندونيسية تهدف إلى تحقيق حياد الكربون بحلول عام 2060، وهو هدف طموح يتطلب إصلاحات جذرية في طريقة إنتاج واستخدام الطاقة في البلاد. تعد إندونيسيا واحدة من أكبر مصادر الانبعاثات في العالم، وهذا يجعل اتخاذ خطوات نحو تقليل هذه الانبعاثات ضرورة ملحة. وبدون تطبيق ضريبة الكربون، قد تواجه البلاد عواقب وخيمة بسبب الكوارث الطبيعية الناتجة عن تغير المناخ، بالإضافة إلى تبعات اقتصادية. وفي سياق متصل، أعرب د. إيلين سيتياهي، نائب وزير الاقتصاد للتنمية والبحث والابتكار في وزارة التنسيق الاقتصادية، عن تفاؤله بهذا المسار الجديد. أشار إلى أن التحول إلى اقتصاد أخضر يمكن أن يحقق نموًا اقتصاديًا مستدامًا يصل متوسطه إلى 6.2% حتى عام 2045. كما يقدر أن هذا التحول قد يسهم في خفض الانبعاثات بمقدار 86 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون وخلق 4.4 مليون وظيفة جديدة. ومع هذه التحركات الإيجابية، هناك حاجة ملحة لدعم قوي من القطاع الخاص والمجتمع الأكاديمي. لذا، فإن التنسيق بين الحكومة والأطراف ذات الصلة سيكون العامل الأساسي في نجاح هذه المبادرات. من المتوقع أن يؤدي الدعم الكافي والمشاركة الفعالة من قبل جميع المعنيين إلى تحقيق أفضل النتائج السياسية والاقتصادية. إلى جانب ذلك، تحتاج الحكومة إلى التركيز على تعزيز الوعي العام بأهمية ضريبة الكربون وفوائدها المحتملة. الكثير من المواطنين قد يحتاجون إلى توضيح حول كيفية تأثير هذه الضرائب على حياتهم اليومية وكيف أنها قد تسهم في تحسين جودة الهواء والبيئة بشكل عام. إندونيسيا، بموقعها الجغرافي الفريد، تواجه تحديات فريدة تتعلق بتغير المناخ، بما في ذلك ارتفاع مستويات البحر وتدمير المحاصيل. إن تنفيذ ضريبة الكربون بنجاح يمثل خطوة حيوية نحو الحد من هذه المخاطر. تجري الحكومة حاليًا مشاورات مع الخبراء والمتخصصين في الاقتصاد والبيئة لوضع اللمسات الأخيرة على إطار الضريبة. سيكون للتعاون الدولي أيضًا دورًا حيويًا في تنفيذ هذه المبادرة، حيث يمكن لإندونيسيا الاستفادة من أفضل الممارسات العالمية وتبادل المعرفة مع البلدان التي نجحت في تطبيق ضريبة الكربون. ختامًا، يمكن القول إن تطوير نظام ضريبة الكربون يمثل مرحلة جديدة في جهود إندونيسيا لمواجهة تحديات تغير المناخ. مع استمرار الحكومة في التحضير لهذه اللوائح، تبقى الآمال كبيرة في أن يسهم هذا النظام في تحسين الوضع البيئي والاقتصادي للبلاد؛ مما يعزز من قدرة إندونيسيا لتحقيق أهدافها الطموحة. إن مسيرة التحول نحو اقتصاد مستدام لن تكون سهلة، لكنها تمثل ضرورة لمستقبل أفضل للأجيال القادمة.。
الخطوة التالية