رئيس منصة العملات الرقمية يدعو إلى تنظيم أكثر صرامة لحماية السوق

دعا جي حملة، الرئيس التنفيذي لشركة سيركل، واحدة من المنصات الأكثر شعبية في عالم العملات الرقمية، إلى فرض تنظيمات أكثر صرامة على هذا القطاع لضمان حمايته من الاحتيال والتقلبات الشديدة التي شهدها في السنوات الأخيرة. جاءت هذه التصريحات خلال زيارة قام بها إلى المقر الأوروبي لشركته في باريس، حيث تحدث عن التحديات التي تواجهها العملات الرقمية والتحركات الضرورية لتنظيم أسواقها. في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية، أشار هملة إلى أن المكانة المميزة التي تمتلكها سيركل في مجال العملات الرقمية، وبينها العملة المستقرة "يو إس دي سي" (USDC) المرتبطة بالدولار، قد دفعتهم إلى اتخاذ خطوات لحماية المستخدمين والمستثمرين. ووفقاً له، فإن على المشغلين في هذا المجال أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه المجتمع من خلال الالتزام بصيانة الأمان والشفافية، تماما كما هو الحال في مجالات ناشئة أخرى مثل الذكاء الاصطناعي. تأتي هذه الدعوة مع تزايد نشاط العملات الرقمية في العالم، حيث شهدت هذه السوق تحولات دراماتيكية منذ ظهورها. على الرغم من أن بعض الأفراد والمستثمرين نجحوا في تحقيق مكاسب كبيرة، إلا أن آخرين عانوا من خسائر فادحة، خاصة بعد انهيار بعض المنصات الكبرى مثل منصة "إف تي إكس". كما أن العملات الرقمية، مثل "بيتكوين"، لا تزال تبرز كوسيلة مفضلة للدفع في شبكة الإنترنت المظلم، مما يجعلها هدفاً لعمليات الاحتيال وطلبات الفدية. تحدث هملة عن أهمية فرض تنظيمات تراقب نشاطات التشفير، قائلاً: "إذا كنت أكتب برمجيات للتحكم في نظام صواريخ باليستية، فإن ذلك يجب أن يكون نشاطاً منظماً. وإذا كنت أكتب نموذج لغة كبير وأقوم بنشره، فإن لديه القدرة على التسبب في مشكلات كبيرة في المجتمع، لذا يجب أن تكون هناك قواعد يتم تقييمها". وأكد على أن العملات الرقمية تتطلب نفس النوع من الإشراف للحفاظ على أمن النظام المالي والاقتصادي. كما أشار هملة إلى تحول العديد من الجهات التنظيمية على الساحة العالمية، حيث اعتمد البرلمان الأوروبي في العام الماضي إطار عمل شامل لمشروعات أصول التشفير يحمل اسم "ميكا" (MiCA)، والذي يتطلب موافقة إلزامية لمزودي خدمات الأصول الرقمية. في هذا الإطار، كانت سيركل هي أول مُصدر للعملات المستقرة التي تلتزم بمتطلبات هذا التنظيم الجديد. في الولايات المتحدة، لا تزال الجهود تشق طريقها نحو تنظيم سوق العملات الرقمية، حيث تم تمرير مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي يهدف إلى تنظيم السوق تحت مسمى "الابتكار المالي والتكنولوجيا للقرن الحادي والعشرين". وقد أدلت كمالا هاريس، مرشحة الرئاسة الأمريكية، بتصريحات تفيد بأنهم سيشجعون على الابتكارات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي والأصول الرقمية، مع المحافظة على حماية المستهلكين والمستثمرين. في هذا السياق، تتوجّه سيركل إلى نقل مقرها الرئيسي من بوسطن إلى مدينة نيويورك، بالقرب من مركز التجارة العالمي، مما يُعبر عن رمزية كبيرة تتعلق بتركيز الشركتين على تعزيز النظام النقدي الرقمي. وعلق هملة على هذا التحول، قائلاً: "هذا جزء رمزي. نحن نبني، ونأمل، العملة الرقمية الرائدة في العالم وهذا هو ما نقوم به". لقد أثار حديث هملة تساؤلات حول مدى قوة الشفافية والمساءلة في سوق العملات الرقمية، خاصة مع تغلغل الممارسات السيئة التي تمثل تهديداً بصورة متزايدة لعالم المال الإلكتروني. ومع وجود تقارير تشير إلى تزايد نشاطات الاحتيال عبر العملات الرقمية، يحذر هملة من أن عدم تنظيم السوق قد يفضي إلى المزيد من الفوضى. وجهت الانتقادات إلى بعض الشركات التي اتخذت من هذه التكنولوجيا وسيلة للتلاعب والخداع، حيث اعترف هملة بأن "بعض الأشخاص استخدموا التكنولوجيا للقيام بأمور خارج أي نوع من الإشراف"، مشيراً إلى أن بعض هذه الممارسات كانت تتضمن الاحتيال وسرقة الأموال. بدون شك، تعتبر المكاسب التي تحققها العملات الرقمية سبباً رئيسياً للعديد من المستثمرين للانخراط في هذا المجال، لكن يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار والتنظيم. مع تزايد عدد شركات العملات الرقمية، يصبح دور الجهات التنظيمية أكثر أهمية من أي وقت مضى. وفي مواجهة الانتقادات، فإن دعوة هملة إلى تنظيم أكثر صرامة يمكن أن تكون خطوة نحو تعزيز الثقة في هذا القطاع، خاصة أن العديد من المستثمرين لا يزالون يشعرون بعدم الارتياح عند الدخول في عالم العملات الرقمية بسبب التقلبات الحادة والاحتيالات. يتطلب تحقيق الاستقرار في هذا السوق قامت الاستثمار بحذر، وضع قواعد واضحة ومُحكمة تعمل على حماية جميع الأطراف المعنية. مع ذلك، يظل السؤال معلقاً: هل ستتمكن الجهات التنظيمية من مواكبة السرعة التي تتسم بها تطورات التكنولوجيا والعملات الرقمية؟ إن القدرة على الابتكار والتطوير يجب أن تتماشى مع حزمة من القوانين والإرشادات التي تضمن عدم تكرار الأخطاء الماضية. في ضوء الأزمات التي واجهها السوق وما زال يواجهه، قد تكون الأنظمة الأكثر تحكماً بمثابة الحل الذي يحتاجه المستثمرون والمستخدمون والناشطون في مجال العملات الرقمية.。