قبل مغادرته، قام غاري غنسلر، رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، بمراجعة تفصيلية لتطبيق القوانين والإجراءات المتعلقة بالعملات الرقمية. منذ توليه منصبه في عام 2021، كانت القضايا المتعلقة بالتشفير جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الهيئة وسياساتها. يُعتبر غنسلر من أبرز الشخصيات في الساحة المالية، حيث قاد هيئة الأوراق المالية والبورصات في عدة عمليات تنفيذ صارمة ضد شركات ومشاريع العملات الرقمية التي انتهكت القوانين. وأكد في حديثه أن تنظيم سوق العملات الرقمية يدخل في صميم حماية المستثمرين وضمان نزاهة الأسواق. واحدة من النقاط الرئيسية التي أكد عليها غنسلر هي أهمية التصريح عن الأصول الرقمية وضرورة ضمان امتثال هذه الأصول للمعايير التنظيمية. وقد كانت هيئة الأوراق المالية والبورصات حريصة على إصدار إرشادات واضحة للشركات العاملة في هذا المجال، حيث اعتبرت أن الكثير من هذه المشاريع تعمل في ظل غموض قانوني وهو ما يعرض المستثمرين لمخاطر كبيرة. في إطار تنفيذ القوانين، أشار غنسلر إلى أن الهيئة بدأت في التركيز بشكل أكبر على عمليات الطرح الأولي للعملات (ICO) وكيفية تصنيفها. كان هناك توجيه مؤكد لتنظيم الأنشطة حيث تم اعتبار العديد من هذه الطروحات على أنها عروض للأوراق المالية تتطلب الالتزام بالقوانين المعمول بها. كما تطرق إلى التحديات التي تواجهها الهيئة في مجال الابتكار، مشدداً على الحاجة للتوازن بين عدم كبح جماح الابتكار والأمان القانوني للمستثمرين. واعتبر أن الابتكار في عالم التشفير يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية كثيرة، ولكنه يأتي أيضاً مع مستويات عالية من المخاطر. بحسب ما أفاد به غنسلر، فإن هيئة الأوراق المالية والبورصات بصدد استكشاف نماذج تنظيمية جديدة قد تسهم في إعادة هيكلة المشهد الحالي للعملات الرقمية، مما يجعل النظام أكثر أماناً وشفافية. هذا التوجه قد تتطلبه التحديات المتزايدة في مجال الأمان السيبراني، حيث تتعرض منصات العملات الرقمية لهجمات متكررة. جدير بالذكر أن غنسلر لم يتجنب الحديث عن السبل التي يمكن لهيئة الأوراق المالية اتخاذها لتسهيل عمليات تسجيل العملات الرقمية في الأسواق. أوضح أنه لا بد من وجود آلية واضحة تسمح للمشروعات الصاعدة بالامتثال للقوانين القائمة بينما لا تتعرض لمخاطر كبيرة. كما تناول غنسلر أهمية التعاون الدولي في تنظيم العملات الرقمية، حيث أن هذه الأصول ليست محصورة في حدود بلد معين، مما يجعل التنسيق بين الهيئات التنظيمية في دول مختلفة ضرورة ملحة. وعقب غنسلر أن العلامات الحمراء تزداد بين الدول لمراقبة عمليات التهرب من القوانين، لذلك من المهم وجود تعاون فعال بين الدول لمواجهتها. ومع اقتراب مغادرته المنصب، أعرب غنسلر عن أمله في أن تواصل هيئة الأوراق المالية والبورصات العمل على تعزيز أنظمتها، وأن يتمكن خلفاؤه من البناء على ما تم تحقيقه خلال فترة ولايته. واعتبر أن الاهتمام المتزايد من قبل المستهلكين في العملة الرقمية يتطلب استجابة تنظيمية فورية، وأن الفشل في فعل ذلك قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. في ختام حديثه، أوضح غنسلر أن الأسابيع القادمة ستكون محور تركيز حاسم للأداء التنظيمي الخاص بالعملات الرقمية، وأنه مستعد لنقل هذا الارث إلى القيادة المقبلة. إن تطورات العملات الرقمية ستستمر في تشكيل مستقبل الأسواق المالية، مما يستدعي استجابة تنظيمية رشيقة ومرنة. تعتبر النقاشات حول التنظيم في مجال العملات الرقمية موضوعًا مهمًا لكثير من المستثمرين والممارسين. فالحرص على معرفة القوانين والالتزام بها هو عنصر أساسي لحماية الاستثمارات، ولضمان أن تواكب الأسواق المالية العصرية التحولات في التكنولوجيا المالية. من جانبهم، يتطلع معظم المستثمرين إلى المزيد من الشفافية والقواعد الواضحة التي تسهم في استقرار السوق.。
الخطوة التالية