في خطوة جريئة تعكس تصميم الولايات المتحدة على محاربة الجرائم المالية عالمياً، اتخذت السلطات الأمريكية إجراءات صارمة ضد شبكة دولية مرتبطة بالروس تُعنى بغسل الأموال باستخدام العملات الرقمية. وقد تم توجيه التهم إلى اثنين من المواطنين الروس، سيرغي إيفانوف وتيمور شاخماميتوف، بسبب دورهما المزعوم في تشغيل خدمات غسل الأموال التي تقدم الدعم للجرائم الإلكترونية. في 27 سبتمبر 2024، أعلنت وزارة العدل الأمريكية عن التهم الموجهة ضد إيفانوف وشاخماميتوف، مشيرةً إلى أن هذه العملية تمت بالتعاون مع سلطات قانونية من دول أوروبية متعددة. يُعتقد أن هذه الشبكة قد ساهمت في عمليات غسل أموال تتجاوز قيمتها مليار دولار عبر منصات تداول غير شرعية. سيرغي إيفانوف، والذي يُزعم أنه كان له دور في تقديم الدعم لعمليات معالجة المدفوعات لمواقع السوق السوداء مثل "ريسكاتور"، واجه تهمًا تتعلق بالتآمر لارتكاب عمليات احتيال مصرفية وغسل أموال. يُقال إنه قام بإجراء معاملات تقدر قيمتها بأكثر من 1.15 مليار دولار خلال السنوات الحادية عشرة الماضية. أما شاخماميتوف، المعروف بأسماء مستعارة مثل "جوكر ستاش" و"فيغا"، فقد وُجهت إليه تهم مشابهة بالإضافة إلى تهمة أخرى تتعلق بالتآمر لارتكاب احتيال مستند إلى وسائط الوصول. وهذا الأخير مرتبط بموقع "جوكر ستاش" الذي كان يبيع بيانات من 40 مليون بطاقة دفع سنوياً. تتضمن العملية أيضاً مصادرة مواقع إلكترونية مرتبطة بثلاثة منصات تداول عملات رقمية غير قانونية، وهي "كريبتكس.نت"، "يو إيه بي إس"، و"بي إن باي"، والتي يُعتقد أنها مرتبطة بجهود غسل الأموال الروسية. تمثل هذه المنصات طرقًا لتسهيل تبادل العملات الرقمية التي تم الحصول عليها من الأنشطة غير القانونية. كما أن دور جهاز الخدمة السرية الأمريكية كان حاسمًا في هذه العملية، حيث تمت مصادرة أسماء نطاقات لمواقع تُستخدم في دعم برامج غسل الأموال المعنية. يُشار إلى أن "كريبتكس.نت" قد سهلت حوالي 37,500 معاملة بلغت قيمتها نحو 1.4 مليار دولار. هذا التحرك يأتي في ظل تزايد التعاون الدولي بين وكالات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لمواجهة الجرائم المتعلقة بالعملات الرقمية. شاركت في هذه العملية وكالات من بلدان مثل هولندا ولاتفيا وألمانيا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى "يوروبول". وفي تصريحات للرئيس الأمريكي جو بايدن، أكد أن هذه العملية هي جزء من جهود مكافحة التهرب من العقوبات الروسية وغسل الأموال. وأشاد بدور وزارة العدل ووزارة الخزانة الأمريكية وجهاز الخدمة السرية في تعطيل هذه الشبكة العالمية. كما أضاف نائب المدعي العام الأمريكي، ليزا موناكو، أن الأفراد المتهمين قد حصلوا على ملايين الدولارات من أنشطة غسل الأموال ويمولون شبكة من المجرمين الإلكترونيين حول العالم. وأكدت موناكو أن إيفانوف قد ساعد بشكل خاص على تعزيز عمليات متعلقة بتجارة المخدرات على الإنترنت وعمليات الابتزاز. تُعتبر هذه العملية بمثابة ضربة قوية للبنية التحتية التي تدعم غسل الأموال المعتمد على العملات الرقمية وتجنب العقوبات المالية. ففي الوقت الذي تزداد فيه أهمية العملات المشفرة في الاقتصاد العالمي، فإن السلطات مدفوعة بالقلق من استخدامها لأغراض غير قانونية. إن التهم التي وُجهت إلى هذين الأفراد تعتبر جزءًا من جهود أكبر لملاحقة الجرائم المالية، خصوصًا في ظل الاستخدام المتزايد للعملات الرقمية. حيث أثبتت هذه العملات أنها أدوات فعالة في إخفاء الهوية، مما يجعل من الصعب تتبعها. وهذا يثير قلقاً خصوصًا وسط الأزمة الجيوسياسية المستمرة وعمليات التطرف المدفوعة بالتمويل غير المشروع. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات تمثل خطوة نحو وضع قواعد تنظيمية واضحة تحد من استخدام العملات الرقمية للأغراض الإجرامية. يسعى المسؤولون إلى تسليط الضوء على الأهمية المتزايدة لتعاون دولي أفضل بين وكالات إنفاذ القانون ومؤسسات التمويل، وذلك من أجل تعزيز الشفافية والمساءلة في عالم يتسم بالتعقيد. من خلال هذا التحرك، يأمل المسؤولون الأمريكيون في تسليط الضوء على الآثار المترتبة على استخدام العملات الرقمية في الجرائم العالمية، بالإضافة إلى أهمية اعتبار هذه الأنشطة تحديًا حقيقيًا يتطلب استجابة عالمية منسقة. إن مكافحة الجرائم المالية لا تتطلب فقط الملكية الفردية ولكنها تحتاج أيضًا إلى التزام عالمي للإصلاح. وفي ختام المطاف، مع تصاعد تهديدات غسل الأموال والجرائم الإلكترونية، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تطوير استراتيجيات فعّالة للتصدي لهذه الأنشطة بشكل دائم. يجب على الحكومات حول العالم أن تعمل مع الشركاء الدوليين لتطوير إطار عمل شامل يضمن أن العملات الرقمية تُستخدم بطرق قانونية ومفيدة للاقتصاد العالمي، بدلاً من أن تُستخدم كأداة للجريمة والفساد. تُظهر الأحداث الأخيرة أن العدالة قد تكون قادرة على مواكبة التطورات السريعة في عالم العملات الرقمية، وأن التصميم والمسؤولية يمكن أن تكونا أدوات قوية في شجب الأنشطة الإجرامية.უსტად。
الخطوة التالية