في جلسة استماع طويلة استمرت لأكثر من خمس ساعات، دافع غاريد غنسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، عن الإجراءات الصارمة التي تتبناها اللجنة تجاه صناعة العملات الرقمية. جاءت هذه الجلسة بعد سلسلة من الدعاوى القضائية والمخالفات التي سجلتها اللجنة ضد عدد من المنصات والكيانات العاملة في المجال، مما أثار جدلاً واسعاً بين عشاق ومستثمري العملات الرقمية. بدأت الجلسة بحضور حشد كبير من أعضاء مجلس النواب، حيث استنكر بعضهم السياسات التي تنتهجها اللجنة. وأشار غنسلر إلى أن الهدف من تلك السياسات هو الحفاظ على حماية المستثمرين وضمان نزاهة الأسواق. وقد حذر من العواقب التي قد تواجهها الصناعة إذا لم يتم إدخال تنظيمات أكثر صرامة، مشيراً إلى المخاطر الكبيرة المرتبطة بالاستثمار في العملات الرقمية. تجدر الإشارة إلى أن النقاشات في الجلسة كانت حادة أحياناً، حيث اتهم بعض النواب غنسلر بأنه يتبنى نهجاً مفرطاً في تشديد الرقابة على القطاع. وقالوا إن الإجراءات الحالية قد تعيق الابتكار وتدفع الشركات إلى الهروب إلى بلدان أخرى ذات بيئات تنظيمية أكثر جاذبية. من جهة أخرى، أوضح غنسلر أنه لا يسعى إلى قتل الابتكار، بل بالعكس، فإنه يعتبر أن التنظيم السليم يمكن أن يعزز من الثقة في السوق ويساعد في نموه بصورة مستدامة. وأكد على أهمية وضع قواعد واضحة تعزز من الاستثمارات المشروعة وتحد من الأنشطة الاحتيالية التي قد تضر بالمستثمرين. كما تطرق غنسلر إلى بعض الحالات التي تم اتخاذ إجراءات قانونية ضدها، مثل الدعوى التي رفعتها اللجنة ضد إحدى أشهر منصات تداول العملات الرقمية، والتي اتُهمت بممارسة التجارة الغير مشروعة وتقديم خدمات دون تسجيلها كجهة رسمية. وأشار غنسلر إلى أن هذه النوعية من الأنشطة تعرّض المستثمرين للخطر، وهو ما يستدعي تدخل اللجنة. وفيما يتعلق بتطلعات السوق، أعرب غنسلر عن تفاؤله بإمكانية تحقيق توازن بين الابتكار والتنظيم. وأشار إلى أن العديد من الشركات تعمل بجد على تقديم حلول تتماشى مع القوانين واللوائح المفروضة. وتحدث عن استعداده للحوار مع الشركات والجهات المعنية في محاولة للوصول إلى أرضية مشتركة. كما ناقش غنسلر بعض الدروس المستفادة من الأزمات التي شهدتها السوق في السنوات الأخيرة، حيث أشار إلى حالات الفشل في بعض المنصات الكبرى التي أضرت بشدة بالاستثمارات العامة. وأوضح أن أحد الدروس الرئيسية هو ضرورة الشفافية في العمليات المالية، مشدداً على أهمية أن يكون لدى المستثمرين معلومات كافية لتقييم المخاطر المرتبطة باستثماراتهم. وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجهت له، كانت هناك أيضاً تأييد لبعض النواب لنهجة تنظيم السوق. حيث أشاروا إلى أن الفوضى الحالية في عالم العملات الرقمية قد تؤدي إلى عواقب وخيمة إذا لم يتم التدخل في الوقت المناسب. وفي ختام الجلسة، تعهد غنسلر بالاستمرار في العمل على تطوير إطار تنظيمي يوفر الحماية للمستثمرين مع دعم الابتكار في الوقت نفسه. وأعرب عن أمله في أن تؤدي النقاشات إلى مزيد من الوضوح والفهم حول كيفية عمل السوق، وكيف يمكن تحقيق توازن بين التنظيم والديناميكية التي تحتاجها الصناعة. الجدير بالذكر أن بيان غنسلر يسلط الضوء على الاتجاه المستمر نحو المزيد من التنظيم في مجال العملات الرقمية، وهذا يأتي في ظل النمو المتسارع لهذه الصناعة. مع تطور التكنولوجيا وتزايد عدد المستثمرين، يتزايد أيضًا الضغط على الهيئات التنظيمية لتوفير بيئة آمنة ومستقرة لجميع المشاركين في السوق. في نهاية المطاف، قد تؤدي هذه الجلسة إلى تغييرات في الطريقة التي تُدار بها صناعة العملات الرقمية في الولايات المتحدة، مما قد يؤثر على كيفية انخراط المستثمرين والشركات في هذا القطاع. ومن الواضح أن النقاش حول تنظيم العملات الرقمية لن يتوقف قريباً، بل سيستمر كموضوع رئيسي يثير اهتمام المستثمرين والصناعيين على حد سواء. 。
الخطوة التالية