في السنوات الأخيرة، تزايدت المخاوف بشأن الاحتيالات في مجال العملات الرقمية، وخاصة تلك التي تُمارس عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل واتساب. ومن بين هذه الحالات، تظهر ظاهرة تُعرف بـ "ذبح الخنزير"، وهي نوع متقدم من الاحتيال يُستخدم فيه أساليب مكيافيلية لتوجيه الضحايا نحو استثمار أموالهم في مشاريع وهمية. تولت هذه الاحتيالات طابعاً جديداً يميزها عن الأنواع التقليدية، إذ تعتمد بشكل رئيسي على الاستغلال العاطفي والاستمالة الاجتماعية. يبدأ المحتال بشخصية مزيفة على واتساب، تتظاهر بأنها مستثمر ناجح في العملات المشفرة. ويستخدم المحتال أساليب مثل صداقة وهمية، حيث يبدأ بالتواصل مع الضحية بشكل ودي، وبعد بناء علاقة وثيقة، يبدأ بإظهار "الفرص الاستثمارية" المذهلة التي بفضلها يمكن تحقيق أرباح كبيرة في وقت قصير. ما يحدث بعد ذلك هو أن المحتال يدعو الضحية لاستثمار مبلغ مالي، وغالباً ما يُظهر لهم مواقع تمويل مزيفة أو تطبيقات تبدو شرعية، مما يجعل الضحية يطمئن بنفسه. بمجرد أن يظهر الضحية زيادة وهمية في استثماراته، يصبح أكثر استعداداً لاستثمار المزيد من الأموال. وعندما يتمكن المحتال من حصد كمية كافية من الأموال، يقوم بإغلاق الحسابات والاختفاء، تاركاً الضحية في حالة من الصدمة والحيرة. تتباين أطوال هذه العمليات بين الشهور والأسابيع، حسب مهارات المحتال في التواصل وبناء الثقة. قد يدفع الضحية في بعض الأحيان مبالغ كبيرة تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات، ولا يرغب الكثيرون في الإبلاغ عن هذه الجرائم بسبب الشعور بالخجل أو الخوف من الرفض الاجتماعي. وفي الوقت الذي يروج فيه المحتالون لأساليبهم، يبدو أن تعريف الاستثمار الحقيقي غير المعروف للضحايا ينقلب بدوره إلى فرصة عمل لفائدة المحتالين. فعندما يقوم شخص للاستثمار في مشروع حقيقي، يتطلب ذلك البحث والمعرفة والتخطيط، لكن "ذبح الخنزير" يعتمد على الثقة العمياء والمخاطر غير المحسوبة. ومع أن العديد من الضحايا يدركون الآن خطورة تداول العملات الرقمية، فإن الاستمرار في استخدام واتساب كوسيلة للاعتيال يُظهر الحاجة الملحة لرفع مستوى الوعي حول التأمين الشخصي والاستثمار القائم على المعرفة. وتعتبر منصات التواصل الاجتماعي، مثل واتساب، بيئات خصبة لمثل هذه الاحتيالات بسبب سهولة الوصول وسرعة إنشاء العلاقات الاجتماعية. تُظهر البيانات الحديثة أن عدد عمليات الاحتيال المتعلقة بالعملات الرقمية قد ارتفع بشكل كبير، مما يعني أن المستثمرين الجدد يحتاجون إلى حذر أكبر من أي وقت مضى. قد تساعد المنظمات غير الربحية والحكومية والخاصة على توعية الناس عبر ورش عمل، مقالات توعوية، ونصائح عبر الإنترنت لتوجيه المستثمرين الجدد حول الأبعاد الصحيحة للاستثمار. تقديم الدعم للضحايا يمكن أن يبني ثقة بين المجتمعات المالية والمستثمرين، وبالتالي، فإن دعم الضحايا عبر برامج التعافي يمكن أن يُعزز أيضًا الاستثمارات الشرعية. إن التوجه الحكومي لنشر برامج توعية وموارد تعليمية حول العملات الرقمية يمكن أن يؤدي إلى نقلة نوعية في إمداد المستثمرين بالمعرفة اللازمة لتجنب الفخاخ. من الواضح أن هذا النوع من الاحتيالات لا يزال يمثل تحدياً كبيراً، لكن يمكن التغلب عليه من خلال تضافر الجهود بين الأفراد والشركات والحكومات. بدلاً من السير في طريق التكرار، يمكن أن تكون الشفافية والوعي والتثقيف هي الأبعاد الأساسية التي تُساعد المستثمرين في تفادي الاحتيالات المستقبلية. في النهاية، التثقيف حول العملات الرقمية ومخاطر الاستثمار هو أمر لا بد منه. على المستثمرين الجدد أن يتحلوا بالصبر وأن يتفاعلوا مع الموضوع بشكل حذر ومعقول، وذلك من خلال البحث العميق والتعلم الذاتي قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. وتساعد هذه العملية جميع المعنيين على بناء بيئة استثمارية أكثر أماناً وموثوقية في وقت يزدهر فيه نشاط العملات الرقمية.。
الخطوة التالية