تشهد الساحة السياسية الأمريكية حراكاً شديداً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2024، حيث يدخل العديد من المرشحين في سباق محموم على البيت الأبيض. كان الرئيس السابق دونالد ترامب لفترة طويلة هو المرشح البارز، ولكن يبدو أن الأمور تتغير الآن، حيث تبرز كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالي، كمرشحة قوية تتحدى ترامب. تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن هاريس تقترب بشكل كبير من ترامب، وتظهر الأرقام تناقضاً مثيراً في اتجاه الدعم الشعبي. وفقاً لاستطلاع للرأي أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، يمتلك ترامب حالياً تقدماً ضئيلاً على هاريس، حيث تفصلهما فقط نقطتين مئويتين في استطلاعات الناخبين، حيث يحصل ترامب على 49% بينما تحصل هاريس على 47%. هذه الأرقام تشير إلى تحول كبير في الديناميكية السياسية، خاصةً بعد إعلان جو بايدن عن انسحابه المحتمل من السباق الرئاسي. تبتكر هاريس استراتيجية فعالة تسعى من خلالها لجذب قواعد الناخبين المختلفة والأقليات التي قد تعطيها دفعة قوية نحو الفوز. فقد أظهرت الأرقام أن دعمها بين الناخبين من الأعراق غير البيضاء، بما في ذلك السود واللاتينيين، قد ارتفعت بشكل كبير. حيث تدعمها 63% من الناخبين غير البيض، بينما لم يحصل بايدن على سوى 51% من نفس الفئة. تعد هذه الإحصاءات دليلاً على أن هاريس تكتسب شعبية متزايدة في الأوساط التي لطالما اعتبرت تقليدياً جزءاً من قاعدة الديمقراطيين. لا يقتصر دعم هاريس على الناخبين غير البيض فقط، بل استطاعت أيضًا استقطاب دعم واسع النطاق من الشباب. تشير الأبحاث إلى أن الشريحة الشبابية تُظهر اهتماماً أكبر في الانخراط في الحملة الانتخابية مقارنةً بالفترات السابقة، مما قد يمنح هاريس ميزة إضافية في الانتخابات المقبلة. كما أن هذا الجيل يميل إلى دعم القضايا الاجتماعية والبيئية، مما يتماشى مع أجندة هاريس. بالرغم من هذه الأرقام المشجعة، لا يمكن تجاهل قوة ترامب السياسية. لا يزال العديد من الناخبين الأمريكيين يرون فيه المرشح الأكثر كفاءة في مجالات حاسمة مثل الاقتصاد والهجرة والأمن الوطني. حتى في هذه الأوقات العصيبة، يحظى ترامب بتأييد قوي من قواعده الانتخابية، ويجب على هاريس أن تكون مستعدة لمواجهة هذا التحدي. يكاد يكون من المضمون أن ترامب سيبذل قصارى جهده لاستعادة ثقة الناخبين، خاصة بعد الأوضاع التي شهدتها البلاد خلال فترة ولايته السابقة. في خضم هذه المنافسة المحتدمة، يمكن أن تلعب موضوعات مثل حقوق المرأة وحقوق الإجهاض دوراً بارزاً في تشكيل نتائج الانتخابات. يعتبر الكثيرون أن هاريس تمثل الخيار الأمثل للناخبين القلقين بشأن تلك القضايا، بخاصة في ظل الجدل القائم حول حقوق الإجهاض، والذي أصبح حديث الساعة بعد التغييرات الأخيرة في السياسات الحكومية. تظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين في هذا المجال يرون هاريس كمرشحة الأكثر كفاءة مقارنة بترامب. على الجبهة الأخرى، يشير بعض المحللين إلى أن انقسامات داخل الحزب الديمقراطي قد تمثل حواجز أمام تقدم هاريس. فقد عانى بايدن من مشكلات تتعلق بتوحيد القواعد الحزبية خلال فترة ولايته، وقد تواجه هاريس نفس التحديات. قد يكون الأمر أكثر تعقيداً في حال استمر الانقسام بين الأجنحة المختلفة داخل الحزب، مما قد يؤثر على القدرة على mobilising الناخبين في الانتخابات المقبلة. أيضًا، تعتبر الانتخابات المقبلة بمثابة اختبار حقيقي للمرأة في القيادة السياسية الأمريكية. فهاريس، كونها أول امرأة من خلفية غير بيضاء تتولى منصب نائب الرئيس، تمثل نموذجًا يُحتذى به للكثيرات والراغبات في دخول مضمار السياسة. لكن الأمر يعتمد على قدرتها على تقديم أجندة واضحة وشاملة تجذب أكبر عدد ممكن من الناخبين. وفي ختام هذه المرحلة الحرجة من الانتخابات، يُتوقع أن تتزايد وتيرة الاستطلاعات والدراسات حول اتجاهات الناخبين. يجب على هاريس وفريقها أن يسعوا جاهدين لفهم السلوك الانتخابي، وتحديد القضايا التي تُهم الناخبين، والعمل على تعزيز حملتهم بناءً على تلك المعطيات. لن تكون الانتخابات المقبلة مجرد صراع على الأصوات، بل اختبار لجدوى الأفكار السياسية وإبداع الاستراتيجيات الجديدة، وهو ما قد يحدد مستقبل أمريكا في العديد من المجالات. إذا استطاعت هاريس الاستمرار في تعزيز تأييدها بين الناخبين وتحقيق تقدم على صعيد القضايا الحاسمة، فقد تكون هذه الانتخابات فرصة ذهبية لها لدخول التاريخ كأول امرأة تتولى رئاسة الولايات المتحدة. ومع وجود ترامب كإحدى العقبات الرئيسية، يبقى السؤال: هل ستنجح في مواجهة هذا التحدي الجسيم وتحقيق الطموحات التي تملكها؟ ومع اقتراب موعد الانتخابات، ستبقى أعين الناخبين مصوبة نحو المرشحين الرئيسيين، بينما يتطلع المجتمع الأمريكي لمعرفة من سيقود البلاد خلال السنوات الأربع المقبلة. من الواضح أن المنافسة ستكون ضارية، والنتيجة ستكون حاسمة في تحديد المسار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للولايات المتحدة.。
الخطوة التالية