في عصر تتزايد فيه شعبية العملات الرقمية، تتزايد الحاجة لفهم العوامل التي تؤثر في تقلباتها السعرية. قد يبدو سوق العملات الرقمية كالأفعوانية، حيث تصعد الأسعار وتنخفض بشكل متكرر، مما يجعل المستثمرين في حالة قلق دائم. ومع ذلك، توصل الباحثون إلى نموذج مبتكر يعتمد على تعلم العمق للتنبؤ بأسعار العملات الرقمية، وهو يعتمد على البيانات المتوفرة على السلسلة (On-Chain Data). سيتم تناول هذا الموضوع وفوائده في هذا المقال. تعتمد الجرائم المالية، ومتطلبات الشفافية، واعتبارات الأمان على استخدام البيانات التي يمكن التحقق منها، ويظهر نموذج التعلم العميق المستخدم في دراسة نشرت على منصة "ResearchGate" كل ذلك بوضوح. يتضمن هذا النموذج استخدام معطيات تسجل جميع المعاملات على الشبكة، مثل عدد المحافظ النشطة، وحجم التداول، وعدد التحويلات، وغيرها من المؤشرات الحيوية التي تساعد في استقراء اتجاهات السوق. تعتبر البيانات على السلسلة أهمية حيوية في مجال العملات الرقمية. تتعقب هذه البيانات كل عملية تتم على الشبكة، مما يوفر رؤية شاملة عن سلوك السوق. إذ أن فهم كيفية تصرف المتداولين والمستثمرين يمكن أن يساعد في التنبؤ بالتقلبات المحتملة. ولهذا، يستخدم الباحثون تقنيات التعلم العميق – وهو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي – لتحليل هذه البيانات الضخمة. تمكن نماذج التعلم العميق من معالجة كميات ضخمة من البيانات، واستخراج الأنماط الدقيقة التي قد يكون من الصعب ملاحظتها باستخدام الأساليب التقليدية. يقوم النموذج بتحليل البيانات المتاحة على السلسلة وتوليد توقعات حول أسعار العملات في المستقبل. يعتمد هذا النموذج على خوارزميات تعلم مثل الشبكات العصبية، التي تعتبر مثالية في البحث عن الأنماط في بيانات غير منظمة. عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في العملات الرقمية، فإن القدرة على التنبؤ بأسعار السوق تُعتبر واحدة من أهم الأدوات التي يمكن للمستثمرين الاعتماد عليها. ومن خلال استخدام نموذج التعلم العميق، يمكن للمتداولين اتخاذ قرارات أكثر وعياً استنادًا إلى البيانات الدقيقة التي يتيحها هذا النظام. توصلت الدراسة إلى نتائج مثيرة تجعل النموذج واعدًا. حيث أظهرت اختبارات النموذج دقة مرتفعة في توقع الأسعار، مما يعزز من ثقة المستثمرين في استخدام هذا النوع من تكنولوجيا المعلومات. على سبيل المثال، تم استخدام نموذج التعلم العميق لتحليل بيانات بيتكوين (Bitcoin)، واحدة من أكثر العملات الرقمية شهرة، حيث استطاع النموذج التنبؤ بالأسعار بدقة ملحوظة. مع ذلك، فإن السوق لا يزال متقلبًا بشكل كبير. على الرغم من أن نموذج التعلم العميق يعتمد على البيانات المتاحة، إلا أن عوامل أخرى مثل الأخبار السياسية والاقتصادية والتغيرات في الطلب والعرض يمكن أن تؤثر في الأسعار بشكل كبير. لذا، يجب على المستثمرين أن يكونوا حذرين ولا يعتمدوا فقط على نموذج التنبؤ عند اتخاذ قرارات استثمارهم. تجدر الإشارة أيضًا إلى أن أبحاث التعلم العميق في مجال العملات الرقمية قد تمثل خطوة نحو استكشاف أبحاث أكثر تعقيدًا، والتي قد تشمل دمج متغيرات إضافية مثل المشاعر الاجتماعية وتحليل تغريدات وسائل التواصل الاجتماعي. إذ يمكن أن تؤثر مشاعر المستثمرين والشائعات على الأسواق بشكل جذري، وبالتالي يكون دمج هذه العوامل مع البيانات على السلسلة خطوة ذكية في تطوير نماذج أكثر دقة. ختاماً، تعتبر الأبحاث مثل تلك المنشورة على ResearchGate جزءاً من تحرك أوسع للبحث عن طرق مبتكرة لتحليل أسواق العملات الرقمية. ومع تزايد تعقيد هذه الأسواق، يصبح من الضروري استخدام تقنيات مثل التعلم العميق لفهم الاتجاهات والتنبؤ بالأسعار. إن اعتماد مثل هذه النماذج يمكن أن يوفر للمستثمرين الأدوات اللازمة للنجاح في بيئة محفوفة بالمخاطر. لهذا، فمن المهم أن تبقى الأبحاث مستمرة، وأن يستمر الباحثون في تطوير طرق جديدة وجديدة لتحليل البيانات. قد تكون هذه الخطوات مهمة لتحقيق استقرار أكثر في أسواق العملات الرقمية، مما يسهل على المستثمرين اتخاذ قراراتهم بطريقة أكثر علمية. في النهاية، يمكن القول بأن نموذج التعلم العميق القائم على البيانات المبنية على السلسلة يقدم وعوداً كبيرة في تعزيز الدقة والأمان في التنبؤ بأسعار العملات الرقمية. ومع مرور الوقت، قد نجد أن هذه الأدوات تصبح جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الاستثمار في المستقبل. تركيب التفاؤل مع التحليل الدقيق والتكنولوجيا المتقدمة قد يجلب تغييرات كبيرة نشهدها في عالم العملات الرقمية، ويعمل على تعزيز ثقافة الاستثمار المبني على المعرفة والبيانات.。
الخطوة التالية