بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تحت إشراف نائب الرئيس للرقابة المالية، مايكل بار، مرحلة جديدة من المناقشات حول تنظيم القطاع المصرفي، حيث تم تقليص خطة التعديلات الرئيسية التي اقترحها الاحتياطي في السابق. جاء هذا القرار بعد تلقي العديد من ردود الفعل السلبية من القطاع المصرفي، مما أظهر آثار التغييرات المقترحة على الاقتصاد والمالية. في ظل المناخ الاقتصادي الحالي، الذي يتسم بالضغوط على العديد من المؤسسات بسبب تداعيات التباطؤ الاقتصادي العالمي والتحديات التي واجهتها البنوك الكبرى، كان قادة المصارف يتطلعون للتخفيف من الإجراءات التنظيمية الجديدة. وقد أشادت رابطة المصرفيين الأمريكيين بالتوجه الجديد للاحتياطي الفيدرالي، حيث أقرت أن التغييرات المقترحة سوف تمنح البنوك المزيد من المرونة. بالعودة إلى عام 2023، اقترح الاحتياطي الفيدرالي مجموعة من التغييرات الواسعة على القواعد التنظيمية للبنوك التي تمتلك أكثر من 100 مليار دولار من الأصول. كان الاقتراح الأصلي يهدف إلى زيادة متطلبات رأس المال، التي كانت تعتبر غير كافية قبل الأزمة المالية العالمية في عام 2007. كان يُنظر إلى هذه المتطلبات على أنها وسيلة لحماية الاقتصاد من التقلبات المفاجئة، كنوع من حزام الأمان المالي في حالة حدوث أزمات. ومع ذلك، كان القطاع المصرفي في حالة من القلق، حيث اعتبر العديد من القادة المصرفيين أن هذه المتطلبات الجديدة ستؤدي إلى زيادة التكاليف بشكل كبير، مما سيؤثر سلباً على قدرتهم التنافسية. وكانت تلك التحذيرات قد دفعت الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة التفكير في مقترحاته وإدخال تعديلات ملحوظة. يتمثّل التحول الأبرز في الاقتراحات الجديدة في خفض متطلبات رأس المال للبنوك الكبرى، والمعروفة بالبنوك ذات الأهمية النظامية العالمية (G-SIBs) بنسبة 9%، بعد أن كانت تلك النسبة 19% في النسخة القديمة من المقترحات. بينما ستظل البنوك الكبيرة الأخرى التي تمتلك أصولًا تصل إلى 250 مليار دولار ملزمة بزيادة أو تخفيض طفيف، يصل بين 0.5% إلى 4% على مدى السنوات القادمة. وأشار بار إلى أن البنوك الأصغر، والتي تتراوح أصولها بين 100 و250 مليار دولار، لن تتأثر بالقواعد الجديدة، باستثناء متطلبات معينة تتعلق بالاحتفاظ بالقيم غير المحققة لأصولها في رأس المال التنظيمي. وهذا يعني أن تلك البنوك ستظل قادرة على العمل بشكل مرن أكثر دون الحاجة إلى التكيف مع التغييرات الجذرية التي قد تؤثر على استراتيجياتها المالية. وأكد بار أن الاحتياطي الفيدرالي قد عمل بشكل مشترك مع الجهات التنظيمية المالية الأخرى، مما يعكس تنسيقًا وثيقًا بين مختلف الهيئات لتطوير الاقتراحات الجديدة. وهذا التعاون بين الوكالات يعد أمرًا حيويًا للحفاظ على استقرار النظام المالي الأمريكي، بالإضافة إلى تحقيق توافق بين مختلف القوانين والأنظمة. في ختام حديثه، توقع بار أن تتم مناقشة الاقتراحات الجديدة في أقرب وقت، مع إمكانية التصويت عليها خلال اجتماع مفتوح لمجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي، الذي يتألف من سبعة أعضاء. هذه الخطوة تشير إلى رغبة الاحتياطي الفيدرالي في الاستجابة للآراء والانتقادات التي سمعها من القطاع المصرفي، مما يعكس مرونة في سياسته التنظيمية. تتجه الأنظار الآن إلى ما سيقرره الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقبل، حيث من المتوقع أن تظل النقاشات مفتوحة حول كيفية تحقيق توازن بين المتطلبات التنظيمية اللازمة لتحقيق الاستقرار المالي، وبين الحاجة إلى تفهم المخاوف التي يطرحها العاملون في القطاع المصرفي. عندما تُعتبر القضايا المالية بمثابة عنصر جوهري في تطور الاقتصاد الأمريكي، فإن هذه التغييرات في تنظيم القطاع المصرفي لن تؤثر فقط على البنوك نفسها، بل ستمتد آثارها لتشمل الاقتصاد ككل. لذلك، سيستمر المجتمع المصرفي في مراقبة هذه التطورات عن كثب، حيث أن القرارات التي سيتخذها الاحتياطي الفيدرالي قد تحدد مسار القطاع المالي على مدى السنوات التالية. في نهاية المطاف، يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي يهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين الحاجة إلى حماية النظام المالي والأداء الصحي للبنوك. فهل سيكون هذا التوازن كافيًا لتهدئة الأوضاع المتوترة في القطاع المصرفي؟ هذا ما سيظهره المستقبل مع استمرار هذه النقاشات الحيوية.。
الخطوة التالية