في عالم تتزايد فيه أهمية الخصوصية والحريات الفردية، خرج إدوارد سنودن، الذي يعتبر رمزاً في الدفاع عن حقوق الإنسان وخصوصية المعلومات، ليشارك بحقيقة مهمة لمتابعي عالم العملات الرقمية، خصوصاً أولئك المهتمين بالبيتكوين. في رسالة شهيرة له، دعا سنودن محبي البيتكوين إلى المشاركة في الانتخابات، ولكنه حذرهم من الانغماس في "عبادة" شخصية أو فكرة معينة. تعتبر هذه التصريحات رسالة واضحة لفهم كيفية التعامل مع العملة الرقمية وتبني القيم الداعمة للحقوق الفردية. إدوارد سنودن، الذي أصبح معروفاً بعد كشفه عن برامج المراقبة الحكومية السرية في الولايات المتحدة عام 2013، يعيش حالياً في المنفى بعد أن حصل على اللجوء في روسيا. منذ ذلك الحين، أشار سنودن بشكل متكرر إلى التحديات التي تواجه الخصوصية في العصر الرقمي. ومن موقعه كأحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان، فإن لديه الكثير ليقوله حول كيفية استخدام تكنولوجيا blockchain بشكل أخلاقي. في حديثه الأخير، لم يتردد سنودن في تشجيع محبي البيتكوين على التصويت. هذه الدعوة تأتي في وقت يستعد فيه العالم لانتخابات تتعلق بسياسات قد تؤثر على كيفية تنظيم العملات الرقمية. يعتبر سنودن أن التصويت هو وسيلة فعّالة للتأثير على القوانين والأنظمة التي تحكم استخدام البيتكوين والعملات المشفرة. إذ يقول: "إذا كنت تريد أن تؤثر في الطريقة التي يتم بها تنظيم التكنولوجيا التي تحبها، يجب أن تشارك في العملية الديمقراطية". لكن التحذير الذي يقدمه سنودن يجعل هذه الرسالة أكثر تعقيداً. في قوله "لا تنضم إلى طائفة"، يحذر سنودن من أن الانغماس في مجال العملات المشفرة يمكن أن يؤدي أحياناً إلى اتباع أفكار أو شخصيات بشكل أعمى. هذا التحذير يعكس مخاوفه من أن تصبح جماعات معينة، تتعلق بالبيتكوين أو غيرها من العملات، مجرد طوائف تُقدس الشخصيات أو الأيدولوجيات على حساب التفكير النقدي والديمقراطية. ما يقصده سنودن بعيده عن الفكرة التقليدية "العملات الرقمية أفضل من البنوك" هو محاولة التأكيد على أهمية استخدام البيتكوين كأداة للتغيير، وليس كغرض للعبادة. إذ يعتبر أن التحول نحو العملات المشفرة يجب أن يكون مدعوماً بقيم قوية تدافع عن الحقوق الفردية، مثل الخصوصية والحرية المالية، بدلاً من التركيز على الربح السريع أو الانتماء العشوائي لجماعات غير مفهومة. سنودن، الذي يشهد تحولات دائمة في مشهد العملات المشفرة، يؤكد على ضرورة الفهم الجيد لهذا المجال قبل اتخاذ خطوات مالية كبيرة. فبينما يمكن أن تكون البيتكوين رمزاً للحرية في العديد من النواحي، إلا أنها أيضاً يمكن أن تُستغل لأهداف تجارية أو سياسية قد تضر بقيم الحرية والخصوصية. من المهم أن نفهم كيف تعكس رسائل سنودن تجارب كثيرة يعيشها الأفراد الذين يتعاملون بالعملات الرقمية. فالكثير منهم قد بدأوا الدخول إلى عالم البيتكوين بتطلعات كبيرة، فقط ليجدوا أنفسهم محاطين بأفكار متطرفة أو اجتماعات يؤدي انغماسهم فيها إلى فقدان الهوية النقدية. دعوة سنودن للمشاركة في الانتخابات والعمل على تغييرات سياسية تساهم في تنظيم أفضل للعملات الرقمية، تمثل اعترافاً بأهمية مكافحة الفساد والاستغلال في هذا المجال. كما أنها تدعو الأفراد إلى الانتباه للقرارات التي تصنع مصيرهم المالي، وأن يكون لهم صوت في كيفية الإدارة العامة لتقنية blockchain. التحذيرات التي يقدمها سنودن تحمل طابعاً رسولياً، إذ يحث الجميع على احترام الذكاء الجماعي والتنوع في الآراء. أي محاولة لتوحيد الجهود حول فكرة واحدة قد تؤدي إلى تقويض الأسس التي بُنيت عليها العملات الرقمية، وهي حرية التعبير والحقوق الفردية. في ختام حديثه، يعيد سنودن التأكيد على أهمية تطبيق القيم الأخلاقية والثقافية في عالم العملات الرقمية. فتصرفات الأفراد في هذا المجال يجب أن تستند إلى قواعد واضحة تهدف إلى تعزيز الخصوصية، وليس فقط الربح الشخصي. شخصية سنودن نفسها تمثل رمزاً لذلك الالتزام، إذ يعكس خطابه استعداده للتضحية من أجل قضية أكبر. وبينما يظل البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى كوسيلة للتعبير عن الاستقلال المالي، يظل السؤال مفتوحاً حول كيفية استخدام هذه الأدوات بطريقة تعود بالنفع على الكل دون تهميش أو استغلال. فالعالم الرقمي بحاجة ماسة إلى قيادات واعية، وليس طوائف مفرطة في حبها للأفكار أو الشخصيات. تأملات سنودن ليست مجرد دعوة للمشاركة، بل هي دعوة للتفكير النقدي ومراجعة القيم الأساسية لكل فرد في عالم المستقبل. يبدأ التغيير من الأفراد، من النصوص التي يقرؤونها، والأفكار التي يتبنونها. لذا، فإن دعوة سنودن ليست فقط سياسية، بل هي دعوة إلى النضوج الفكري والإنساني.。
الخطوة التالية