تعتبر الأصول الرقمية واحدة من أبرز الاتجاهات التي شهدتها الأسواق المالية في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت شعبية العملات المشفرة وظهرت أنواع جديدة من الأصول غير الملموسة. ومع تزايد استخدام هذه الأصول من قبل الأفراد والشركات، برزت الحاجة إلى تطوير آليات محاسبية جديدة تتعامل مع الخصائص الفريدة لهذه الأصول. في هذا السياق، قامت شركة كيه بي إم جي (KPMG)، إحدى أكبر شركات مراجعة الحسابات والخدمات الاستشارية في العالم، بمناقشة كيفية محاسبة المقرضين عن قروض الأصول الرقمية غير الملموسة. تعتبر القروض المدعومة بالأصول الرقمية جزءاً متزايد الأهمية من النظام المالي الحديث، حيث تتيح للمقرضين تقديم تمويلات للأفراد والشركات مقابل ضمانات من العملات المشفرة أو الأصول الرقمية الأخرى. ومع ذلك، فإن التقدير الصحيح لهذه الأصول وتطبيق المعايير المحاسبية الملائمة عليهما يمثل تحدياً كبيراً. تبدأ عملية تسجيل هذه القروض بتحديد كيفية تصنيف الأصول الرقمية. تتضمن كيه بي إم جي مجموعة من المبادئ والمعايير التي يمكن أن تسهم في توفير إطار عمل لهذا التصنيف. على سبيل المثال، من المهم فهم ما إذا كانت الأصول الرقمية يجب أن تُعامل كأوراق مالية أو كأصول غير ملموسة، وما الأثر المترتب على ذلك في تقييم الأصول والتزامات المقرضين. توضح كيه بي إم جي أن القيم العادلة للأصول الرقمية عادة ما تتأثر بالطلبات والعروض في السوق. لذا، يجب على المقرضين اتخاذ مقاربة شاملة لتقييم القيم العادلة وعدم الاكتفاء بالأرقام العشوائية. فهذا يتطلب استخدام نماذج تقييم متطورة تأخذ في الاعتبار عوامل مثل تقلب الأسعار وحجم التداول والبيانات التاريخية. وفيما يتعلق بالتحصيل والاعتراف بالإيرادات، تشير كيه بي إم جي إلى أهمية الاعتراف بالإيرادات في حينها للعملات المشفرة. فعلى سبيل المثال، قد يتطلب الأمر من المقرضين الاعتراف بإيراداتهم من تحويل الأصول الرقمية إلى نقود عند وقوع هذه التحويلات. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك اعتبارات إضافية حول الغرض من القرض نفسه وطبيعة الأصول الممولة، حيث يمكن أن يؤثر ذلك على كيفية الاعتراف بالإيرادات. من الجوانب الأخرى التي تتناولها كيه بي إم جي هي المخاطر المرتبطة بالقروض المدعومة بالأصول الرقمية، مثل تقلبات أسعار العملات المشفرة والمخاطر القانونية. يجب على المقرضين تقييم هذه المخاطر بعناية وتوفير احتياطات مناسبة لضمان استدامة أنشطتهم. ومن خلال التعامل مع هذه المخاطر بموضوعية وفهم، يمكن للمقرضين تقليل الفجوات المحتملة في المحاسبة وتجنب المشكلات القانونية المستقبلية. علاوة على ذلك، يجب على المقرضين التفكير في مدى تأثير التغييرات التنظيمية على عملياتهم. ففي ظل طبيعة الأصول الرقمية المتغيرة باستمرار، يمكن أن تتغير الأطر القانونية والتنظيمية بشكل مستمر، مما يتطلب من المؤسسات المالية أن تكون مرنة ومتقبلة لهذا التغيير. يشير الخبراء في كيه بي إم جي إلى أنه من الضروري أن تبقى هذه المؤسسات على دراية بأحدث التطورات في المجال وأن تتعاون مع المشرعين لتحقيق ممارسات أفضل. من الجدير بالذكر أن القروض المدعومة بالأصول الرقمية ليست مجرد اتجاه عابر، بل تمثل نقلة نوعية في فهمنا للمالية الحديثة. وفي هذا الإطار، تشير كيه بي إم جي إلى أنه يجب على المقرضين الذهاب أبعد من مجرد الاحتفاظ بالقيم العادلة للأصول الرقمية، بل يجب عليهم أيضاً التفكير في كيفية تأثير هذه الأصول على الأصول المالية ككل. على الرغم من التحديات التي تواجهها صناعة الأصول الرقمية، تؤكد كيه بي إم جي على أن الفرص لا حصر لها. إذ يمكن للمقرضين الاستفادة من هذا السوق المتنامي لتوسيع قاعدة عملائهم وتحقيق عوائد أكبر. وبالتالي، فإن محاسبة هذه القروض تتطلب مزيجًا من الابتكار والمرونة والدراية العميقة بالقواعد المحاسبية والمعايير الدولية. في الختام، يمكن القول إن القروض المدعومة بالأصول الرقمية تعتبر خطوة جريئة نحو مستقبل مالي جديد. ومع استمرارية التحولات في هذا المجال، سيكون من الضروري أن تكون هناك معايير محاسبية واضحة تضمن تحويل الأصول الرقمية إلى جزء مستدام من النظام المالي العالمي. KPMG تعتبر في طليعة هذه الجهود، حيث تقدم الإرشادات الحيوية للمقرضين للتكيف مع هذا الابتكار المالي. إن وعي المقرضين واستعدادهم لتبني أحدث الأساليب المحاسبية سيساعدهم على النجاح في هذا السوق المتغير بسرعة، مما يسهم في تعزيز مكانتهم في عالم المال والأعمال.。
الخطوة التالية