في خطوة تُعتبر تاريخية في عالم التكنولوجيا، أقدمت شركة آبل على فتح أبوابها أمام إمكانية إطلاق متاجر تطبيقات جديدة على أجهزة آيفون، وهو ما كان موضع انتظار كبير من قبل مطوري التطبيقات في جميع أنحاء العالم. القرار الذي جاء استجابة لضغوط من صانعي السياسات في الاتحاد الأوروبي يُعتبر تغييرًا جذريًا لنظام كان سائدًا لسنوات طويلة، حيث كانت آبل تسيطر تقريبًا على سوق تطبيقات الهواتف الذكية وتفرض شروطها الخاصة. تفسير تلك الخطوة تعكس رغبة آبل في التكيف مع قوانين السوق المتغيرة، خاصة مع وجود مخاوف من احتكارها للمجال. ولكن، وعلى الرغم من الترحيب الأولي الذي قوبل به هذا القرار من قبل بعض الشركات والمستخدمين، بدأت تتكشف تفاصيل جديدة، وهي تفاصيل أثارت الكثير من الانتقادات. إذ وُصف نظام الرسوم والمحددات الجديدة الذي تضعه آبل بأنه "ابتزاز"، وذلك بحسب تصريحات عدد من الشركات مثل سبوتيفاي. من الواضح أن آبل لا تزال تحتفظ بكثير من السيطرة حتى بعد هذه التطورات. حيث يُعبر كولتون آدامسكي، رجل الأعمال الشاب الذي يسعى لإطلاق أحد أول متاجر التطبيقات البديلة على أجهزة آيفون، عن استيائه من الشروط الجديدة. اعتبر كولتون أن آبل تتصرف وكأنها شخصية من فيلم "العراب" (The Godfather)، حيث تتيح لك فرصة العمل ولكن تحت ضغوط وتحدد لك شروطاً صارمة، وإلا ستواجه نتائج وخيمة. من الشروط التي فرضتها آبل هو أن المتاجر ال**جديدة يجب أن تمتلك على الأقل مليون يورو في حساباتها. وإذا انخفض هذا المبلغ لدى أي متجر، يصبح معرضًا للإغلاق. هذا الشرط أثار تساؤلات عديدة حول الأسباب التي تستند إليها آبل في فرض مثل هذه المتطلبات، خاصة وأنها لم تقدم تفسيرات كافية لذلك. تاريخيًا، كانت آبل تحتكر سوق التطبيقات على نظامها، حيث كان يُمنع على المستخدمين تثبيت أي تطبيقات خارج المتجر الرسمي، مما جعل عملية "التحميل الجانبي" التي تسمح بتثبيت التطبيقات من مصادر أخرى شائعة في أنظمة أندرويد، محظورة تمامًا. ومنذ بدء إطلاق آيفون، أكدت آبل أن هذه السياسة تهدف إلى حماية المستخدمين من التطبيقات الضارة. حالما تم الإعلان عن إمكانية فتح متاجر جديدة، كان الحماس ملحوظًا لدى بعض رواد الأعمال الذين كانوا يرغبون في استغلال هذه الفرصة. كولتون، الذي قضى سنوات في إدارة متجر تطبيقات غير رسمي، رأى في هذه الخطوة فرصة له لتحويل نشاطه إلى عمل مشروع وقانوني. ولكن عند دراسة شروط آبل، تبخرت آماله وتقلصت حماسته. من بين الرسوم التي أُضيفت على نموذج آبل الجديد، تلك المعروفة بـ"رسوم التكنولوجيا الأساسية"، حيث تفرض آبل 50 سنتًا على كل تحميل للتطبيقات بعد الوصول إلى عتبة المليون تحميل. هذه الرسوم قد تُعتبر شكلًا من أشكال الابتزاز، إذ أن المطورين سيتعين عليهم دفع الأموال حتى لو لم يكن هناك استخدام فعلي للتطبيق من قبل المستخدمين. أيضًا، ليس هناك مجال للتهوين من الرسوم الإضافية التي تصل إلى 17% لمبيعات التطبيقات في حال تم بيعها في متجر آبل وأماكن أخرى. آبل تدعي أن 99% من التطبيقات صغيرة الحجم بحيث بإمكانها تجنب التأثير المالي الكبير لهذه الرسوم، ولكن المطورين يرون أن هذه السياسات تمثل ابتزازًا واضحًا تجريه شركة تسيطر على السوق. هذه القضية ليست جديدة، إذ تتعرض شركات مثل آبل وغوغل لانتقادات طويلة الأمد بسبب سياساتها الصارمة تجاه المطورين. تداعيات هذا الوضع يمكن أن تُعيد تشكيل الحياة اليومية لملايين المستخدمين حول العالم، في ضوء أن آبل وغوغل تحتكران أكثر من 95% من السوق خارج الصين، وأي تغييرات في هذه السياسات يمكن أن يكون لها تأثير ضخم على اللعبة بأكملها. في النهاية، ورغم التشديدات والشروط الجديدة، يبدو أن العديد من رواد الأعمال ما زالوا مصممين على الصمود ومواجهة التحديات في هذا المجال. وقد عبر كولتون عن عزم فريقه على النجاح في إطلاق متجره رغم كل العقبات التي واجهوها. "هذه ببساطة هي مستقبل أجهزة آيفون،" يقول كولتون، معرباً عن إيمانه الراسخ بإمكانية تغيير مسار سوق التطبيقات. بالتأكيد، سيتواصل مراقبة تطورات هذا المشهد عن كثب من قبل مطوري التطبيقات والمستثمرين والمستخدمين على حد سواء. فقد تشكل خطوات آبل القادمة مستقبلًا جديدًا لصناعة التطبيقات، وفيما إذا كان بإمكانها تغيير قواعد اللعبة أو ستبقى متأصلة في سياساتها المعهودة، فإن الأمر برمته يتوقف على مرور الوقت.。
الخطوة التالية