تصحيح السجل: منهجيات غير دقيقة لتقدير دور العملات المشفرة في تمويل الإرهاب تزايدت الأهمية العالمية للعملات المشفرة في السنوات الأخيرة، حيث جذبت انتباه المستثمرين والمواطنين على حد سواء، ولعبت دورًا محوريًا في العديد من الأنشطة الاقتصادية. ومع ذلك، فإن هذا الارتفاع في شعبية العملات المشفرة لم يكن خالياً من الجدل، خاصةً عندما يتعلق الأمر بدورها المحتمل في تمويل الأنشطة الإرهابية. وقد أصدرت مدونة Chainalysis تقريرًا يُسلِّط الضوء على القضايا المتعلقة بالمنهجيات المستخدمة في تقدير هذا الدور. في البداية، من المهم فهم طبيعة العملات المشفرة. تُعتبر العملات المشفرة، مثل البيتكوين والإيثريوم، أصولًا رقمية غير مركزية تعمل على تقنيات البلوك تشين. توفر هذه العملات إطارًا للمعاملات المالية غير التقليدية، والتي قد تكون لها فوائد عديدة، لكنها أيضًا تفتح الباب أمام المخاطر، بما في ذلك استخدامها المحتمل في الأنشطة غير القانونية. لكن كيف يمكن أن تُستخدم العملات المشفرة في تمويل الإرهاب؟ يبدو أن بعض التقارير قد ربطت وجودها في هذا السياق. الجدل هنا يتعلق بالمنهجيات المستخدمة لتقييم هذا الاستخدام. وفقًا لتقرير Chainalysis، تتضمن العديد من هذه الدراسات إحصائيات وبيانات غير دقيقة، مما يؤدي إلى استنتاجات مضللة حول حجم وتأثير العملات المشفرة في تمويل الإرهاب. على سبيل المثال، تركز العديد من الدراسات فقط على المعاملات الكبيرة أو المستهدفة، مما قد يُعطي انطباعًا خاطئًا عن مدى استخدام العملات المشفرة في الأنشطة الإرهابية. في الواقع، يُظهر تقرير Chainalysis أن جزءًا صغيرًا فقط من المعاملات المرتبطة بالإرهاب استخدمت العملات المشفرة، مما يشير إلى أن الاعتقاد السائد بأن هذه العملات تمثل تهديدًا كبيرًا قد يكون مبالغًا فيه. تهدف Chainalysis إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة من خلال توضيح كيف أن استخدام العملات المشفرة في تمويل الإرهاب ليس بالأمر الشائع كما يعتقد الكثيرون. وفي الوقت نفسه، من المهم الاعتراف بأن القائمين على الأنشطة غير القانونية، بما في ذلك الإرهاب، قد يستغلون أي وسيلة توفر لهم القدرة على إجراء تحويلات مالية بطريقة غير مرئية، وليس فقط العملات المشفرة. لا يقتصر الاستخدام غير الصحيح للعملات المشفرة على الأنشطة الإرهابية، بل يشمل أيضًا مجموعة واسعة من الأنشطة غير القانونية الأخرى. يمكن أن تتمثل هذه الأنشطة في عمليات غسل الأموال، والنصب والاحتيال، والتجارة في السلع المحظورة. ومع ذلك، يُلاحظ أن استخدام العملات المشفرة غالبًا ما يكون مصحوبًا بمستويات عالية من المساءلة والتحليلات المتقدمة، مما يجعل من الصعب على الجهات الفاعلة غير الشرعية استغلالها دون التعرض للاكتشاف. من جهة أخرى، تُظهر بعض الدراسات أن العملة المشفرة يمكن أن تكون وسيلة لدعم المبادرات الاجتماعية والعمل الخيري، فعلى سبيل المثال، تم استخدام البيتكوين لجمع التبرعات لصالح ضحايا الكوارث الطبيعية أو للمساعدة في المجتمعات المحرومة. لذا، من المهم أن يتم التعامل مع موضوع العملات المشفرة بموضوعية، بعيدًا عن المخاوف الجانبية. وفي إطار ذلك، فإن الهيئات التنظيمية حول العالم بدأت في إدخال المزيد من القوانين والإجراءات لمراقبة استخدام العملات المشفرة. هذه الجهود تشمل إعداد قواعد تطلب من المنصات المتعلقة بالعملات المشفرة تطبيق تدابير العناية الواجبة، وتحديد النشاطات المشبوهة، مما يسهم في التدقيق في كيفية استخدام هذه العملات وحمايتها من الاستخدامات غير المشروعة. لكن بالرغم من الجهود المبذولة للحد من المخاطر المرتبطة بالعملات المشفرة، يجب أن تبقى المسألة في سياقها الصحيح. مع تزايد الإقبال على استخدام العملات المشفرة، هناك ضرورة ملحة لتعزيز فهم الناس لكيفية عمل هذه العملات والتحديات المرتبطة بها. علاوة على ذلك، فإن تطوير منهجيات بحثية أكثر دقة وشمولية سيساعد في تحقيق رؤية أوضح لدور العملات المشفرة في الأنشطة المختلفة، سواء كانت قانونية أو غير قانونية. ويشمل ذلك جمع البيانات من مصادر متعددة، وتطبيق تقنيات تحليلية متقدمة للوصول إلى استنتاجات قائمة على أدلة قوية بدلاً من الانطباعات العامة. في النهاية، من الضروري التذكير بأن العملات المشفرة تمثل أداة، والأداة ليست جيدة أو سيئة في ذاتها، بل تعتمد على كيفية استخدامها. إذا تم استخدامها بطرق قانونية، يمكن أن تكون لها فوائد كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. أما إذا تم استغلالها لأغراض غير مشروعة، فإنها قد تتحول إلى خطر يستدعي الانتباه. يعد تصحيح السجل حول دور العملات المشفرة في الأعمال غير القانونية، بما في ذلك تمويل الإرهاب، خطوة مهمة في تحقيق توازن بين الابتكار المالي والأمن. إذ يجب أن يتمكن المجتمع من الاستفادة من هذه التكنولوجيا القابلة للتطوير دون الخوف من استخدامها بشكل مشبوه. من المهم أن تبقى النقاشات حول العملات المشفرة موضوعية وأن تستند إلى تحليلات دقيقة وقائمة على البيانات. وفي إطار التصحيح، فإن التقرير من Chainalysis يُعد مثالاً يُحتذى به للعمل على مواجهة المفاهيم الخاطئة والتمييز بين الحقائق والحقائق المشوهة.。
الخطوة التالية