في الوقت الذي يتزايد فيه النقاش حول حرية التعبير وحدودها، ظهر موضوع الرقابة على منصات التواصل الاجتماعي ليحتل عناوين الأخبار. في مقدمة هذا النقاش، نجد تشارلز هوسكينسون، مؤسس مشروعي كاردانو وInput Output، الذي لا يتردد في التعبير عن آرائه الجريئة حول حرية التعبير وخطاب الكراهية، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في البرازيل حيث تم حظر منصة "X" (المعروفة سابقًا بتويتر). بدأت القصة في الأيام الأخيرة من أغسطس 2024 عندما أصدر المحكمة العليا في البرازيل أمرًا يقضي بإغلاق منصة X، مما أثر بشكل كبير على المستخدمين في البلاد، وكذلك على مشاريع الكريبتو المرتبطة بها. قرر القاضي ألكسندر دي مورايس فرض هذا الحظر بعد أن ادعى أن بعض المستخدمين ينشرون معلومات مضللة وأكاذيب. ومع ذلك، كان الرد من إدارة X تحت إشراف إيلون ماسك هو التساؤل عن هذا الأمر ودعوته لحماية حرية التعبير، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين الحكومة البرازيلية وشركة X. على ضوء هذه الأحداث، لم يتردد هوسكينسون في إبداء رأيه. في تغريدة له، ذكر أن هذه الرقابة تمثل عواقب الرقابة التي توضح أهمية اللامركزية في العالم الرقمي. وأضاف: "حتى وإن قامت البرازيل بإسكات الأصوات على X، فإن عملهم سيظل قائمًا وسيكون له تأثير علينا جميعًا". من خلال هذه الكلمات، دعت هوسكينسون إلى بناء شبكة اجتماعية لا مركزية، تسعى إلى حماية صوت الأفراد وتحريرهم من قيود الوسائل التقليدية. ليس بعيدًا عن الموضوع، ربط هوسكينسون أيضًا الرقابة بالنقاش الأوسع حول خطاب الكراهية. حيث أشار إلى أن مفهوم خطاب الكراهية قد تم اختراعه كمبرر للرقابة على الآراء المختلفة. وفقاً لرأيه، ينبغي أن يتمتع الأفراد بحرية التعبير عن آرائهم حتى وإن كان الخطاب الذي يناقشونه قد يكون غير مريح أو مزعج للبعض. هذا يحمل في طياته تحديًا كبيرًا للمعايير الاجتماعية والمجتمعية التي تحكم النقاشات في الفضاء العام، وخاصة في عصر الإنترنت حيث يمكن للبعض أن يستغل حرياتهم لأغراض غير سليمة. ردود الفعل على آراء هوسكينسون كانت متباينة. في حين تفاعل الكثيرون من مجتمع الكريبتو بشكل إيجابي مع دعوته إلى حرية التعبير، انتقده آخرون بتصريحاته حول خطاب الكراهية. في هذا السياق، يبدو أن المناقشة حول الرقابة والخطاب الوارد هي أكثر من مجرد نقاش أكاديمي، بل إنها تعكس انقسامات عميقة داخل المجتمعات حول كيفية التعامل مع الأفكار التي تحرض على الكراهية والعنف. كذلك، كانت هناك أثار اجتماعية واقتصادية واضحة نتيجة لهذه الأحداث. فعلى سبيل المثال، أعلن السفير البرازيلي لمشروعي كاردانو أن القيود المفروضة على حرية التعبير تؤثر سلبًا على الاتصالات داخل المجتمع، مما يؤدي إلى تدهور مستوى التعاون والإبداع. وفي ظل التحديات المتزايدة، أصبح هوسكينسون ملتزمًا بتجنيد برازيليين للمساعدة في تطوير شبكة اجتماعية لامركزية، لتكون بديلاً لمنصة X وتتيح للناس التعبير عن أنفسهم بحرية. في أعقاب قضية X، نالت منصات مثل "Nostr" اهتمامًا كبيرًا، حيث تعتبر نموذجًا عن وسائل التواصل الاجتماعي اللامركزية. قدّمت نستر فكرة جديدة حول كيفية بناء منصات اجتماعية لا تخضع للرقابة، وتعتمد على مبدأ حرية التعبير بشكل أكبر. يبدو أن هذا النموذج يوفر بديلًا عمليًا للناس الذين يواجهون الرقابة الحكومية أو القيود على التعبير. من الواضح أن النقاش حول حرية التعبير وخطاب الكراهية سيتواصل، إذ أنّ التطورات المستقبلية ستعتمد على كيفية تفاعل الحكومات والشركات والمجتمع الأوسع مع هذه القضايا الحساسة. هوسكينسون، بصفته رائدًا في مجال الكريبتو، سيكون جزءًا لا يتجزأ من هذه المناقشة، حيث يواصل التشديد على أهمية اللامركزية في تشكيل مستقبل التواصل الاجتماعي. في النهاية، يبدو أن الأحداث الأخيرة تشكل نقطة تحول في فهمنا لحرية التعبير والعواقب المرتبطة بها في عصر الرقمنة. أثناء تزايد الضغط على المنصات الاجتماعية لإدارة الخطاب العنيف والمضلل، يبقى السؤال مطروحًا: كيف يمكننا ضمان حرية التعبير دون السماح بتقويض القيم الأساسية للتعايش السلمي؟ هذا السؤال يحتاج إلى إجابات محددة وتعاون جماعي لحماية حقوق الأفراد في التعبير عن آرائهم بحرية، ضمن إطار يحافظ على السلام والأمن المجتمعي. باعتبارها منارة للرأي العام والنقاشات الساخنة، ستظل منصة X ومثلها من المنصات تحت المجهر، ليس فقط من قبل المستخدمين ولكن أيضًا من قبل الجهات الحكومية والمراقبين، حيث أن التوازن بين حرية التعبير والرقابة على الخطاب سيشكل معركة كبيرة في السنوات القادمة.。
الخطوة التالية