أصدرت جامعة مانشستر البريطانية مؤخرًا مجموعة من النصائح الموجهة للآباء والأمهات المتأثرين بالزلازل المدمرة التي ضربت سوريا وتركيا والدول المجاورة. تأتي هذه المبادرة في إطار جهود متعددة لدعم الأسر والأطفال الذين واجهوا تحديات كبيرة بسبب الأوضاع الطارئة. يتضمن المنشور الذي أعدته مجموعة بحث الأسرة والتربية في جامعة مانشستر نصائح مفيدة تهدف إلى مساعدة الآباء والأمهات في التعامل مع المشاعر التي قد تنتابهم، بالإضافة إلى توجيههم حول كيفية فهم ردود أفعال أطفالهم وسبل تقديم الدعم لهم. وقد تم توفير هذه المعلومات بلغات متعددة تشمل التركية والعربية والإنجليزية، مما يضمن وصولها إلى أوسع شريحة ممكنة من الأسر المتضررة. تجري هذه الجهود بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجرائم، والذي ساهم في نشر هذه الموارد عبر منصاته. كما تم تصميم مجموعة من الموارد الصوتية لتيسير الوصول إلى المعلومات الهامة في هذه الأوقات الحرجة، وتمت إتاحتها على موقع مخصص استُحدث كجزء من استجابة الأمم المتحدة للكارثة. مما لا شك فيه أن الزلزال قد ترك أثرًا عميقًا على المجتمعات المتضررة، حيث يعاني الكثير من الآباء من ضغوط نفسية نتيجة لفقدان منازلهم أو أفراد عائلاتهم. وتسلط النصائح الموجهة للآباء الضوء على أهمية فهمهم لعواطفهم الشخصية وكيفية تأثير ذلك على أطفالهم. فقد أكدت البروفيسورة راشيل كالم، التي دعت إلى هذا المشروع، على أن دعم الأطفال نفسيًا وعاطفيًا يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على قدرتهم على التغلب على الأوضاع الصعبة. من الأساسيات التي تناولتها النصائح هي ضرورة التعبير عن المشاعر بدلاً من قمعها. ينصح الآباء بأن يكونوا صادقين مع أنفسهم ومع أطفالهم بشأن ما يشعرون به، وذلك يعزز من ترابط الأسرة ويساعد في بناء ثقة متبادلة. ستساعد هذه النزعة في توفير بيئة آمنة للأطفال للتعبير عن مشاعرهم، مما يمكنهم من تجاوز المواقف الصعبة بشكل أفضل. كما تمت الإشارة في النصائح إلى أهمية إنشاء روتين يومي حتى في الأوقات الصعبة. ذلك لأن الروتين يوفر للأطفال شعورًا بالأمان والثبات في عالم غير مستقر. يُنصح بأن يشمل هذا الروتين أوقاتًا للعب والدراسة وكذلك لفترات الراحة والاسترخاء. قد يُظهر الآباء سلوكًا إيجابيًا من خلال تخصيص وقت للمشاركة في أنشطة عائلية ممتعة، مثل اللعب بالكرة أو القراءة معًا. قدم الخبراء أيضًا نصائح حول كيفية التعامل مع الفقد والخسارة، حيث من المهم للآباء أن يتحدثوا مع أطفالهم عن الأحداث المؤلمة بشكل بسيط ومناسب لأعمارهم. القدرة على الحديث عن الفقد مع الأطفال تعزز من قدرتهم على التعامل مع مشاعر الحزن والقلق. يُشجع الآباء على الاستماع إلى أسئلة أطفالهم والإجابة عليها بوضوح، مما يساهم في تخفيف مشاعر الخوف والقلق التي قد تنتابهم. أضافت النصائح أيضًا أهمية التواصل مع الأصدقاء والعائلة ومعرفة أن الدعم متاح عبر المجتمعات المحلية. شجعت الموارد الصادرة على بناء شبكات الدعم الاجتماعي واستثمارها، حيث يمكن أن توفر العزلة شعورًا بالمزيد من الضغوط. تمثل المساعدة من الناس الذين يمرون بتجارب مشابهة مصدرًا كبيرًا للدعم النفسي. من المعروف أن الأطفال يمكن أن يتفاعلوا بطرق مختلفة مع الأزمات، لذا من الضروري أن يتعرف الآباء على ردود الأفعال الشائعة. يُمكن أن تشمل هذه العواطف الانسحاب، أو السلوك العدواني، أو حتى نوبات البكاء المتكررة. يُنصح الآباء بأن يكونوا صبورين وأن يعطوا الأطفال الوقت الكافي للتكيف مع الأوضاع الجديدة. في إطار الجهود المستمرة لدعم الأسر، أكدت مجموعة المبادرة العالمية لدعم الآباء (GISP) أن هذه النصائح ليست فقط موارد للوقت الحالي، بل هي أيضًا مدخل لبناء قدرة الأسر على التكيف مع الأزمات المستقبلية. يمثل GISP تعاونًا بين مجموعة متنوعة من الوكالات مثل اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية. مما يعكس مدى أهمية التعاون الدولي في أوقات الأزمات. وأعربت الأستاذة راشيل كالم عن أملها في أن تصل هذه الموارد إلى أكبر عدد من الأسر المتضررة، قائلة: "قلوبنا مع جميع من تأثر بهذه الزلازل المروعة." وأكدت أن كل جهد يبذل في دعم الأسر في هذه الأوقات الحرجة يمكن أن يحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الأطفال وعائلاتهم. كما دعا الدكتور عالا الخاني، أحد المشاركين في تطوير هذه الموارد، الآباء إلى أهمية تقديم الدعم العاطفي لأطفالهم، مشيرًا إلى أن هذه الرعاية تعتبر من أبرز العوامل التي تؤثر على الصحة النفسية للأطفال في أوقات الأزمات. ضمهم إلى الحديث حول كيفية اتخاذ خطوات فعالة للتعامل مع الصعوبات بدلاً من تجاهلها. ختامًا، تبقى هذه النصائح والموارد مثالًا حيًا للتضامن الإنساني الذي يُظهر أهمية العناية بالآخرين في أوقات الأزمات. فهي تؤكد على قيمة العطاء والمساندة بين المجتمعات، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. في ظل المعاناة المستمرة نتيجة الزلازل، يبقى الأمل في الاهتمام والمشاركة الفعالة من الجميع لتخفيف أثر هذه الكارثة على الأجيال الحالية والمستقبلية.。
الخطوة التالية