على مدى السنوات القليلة الماضية، كانت قضية الإجهاض من أكثر القضايا إثارة للجدل في الولايات المتحدة، حيث تجذب انتباه وسائل الإعلام والمتحدثين السياسيين بشكل مستمر. وفي حين أن حركة مكافحة الإجهاض كانت تحتفي بإنجازاتها قبل عامين بعد قرار المحكمة العليا بإلغاء حق الإجهاض على الصعيد الفيدرالي، إلا أن الوضع اليوم يبدو مختلفاً بشكل كبير. تواجه الحركة تحديات داخلية وخارجية، مما يؤثر على قدرتها على التأثير في نتائج الانتخابات المقبلة. قبل عامين، أزاح قرار المحكمة العليا المعروف باسم «رو ضد وايد» الحواجز أمام النشاط المناهض للإجهاض. شعرت الحركات المناهضة للإجهاض بالنصر وطاقة جديدة، وأصبحت أكثر اقتناعًا بقدرتها على تشكيل مستقبل البلاد من خلال حظر الإجهاض أو تقليصه. اجتذبت الحملات التي تدعو إلى حماية حياة الأجنة الدعم من مجموعة متنوعة من المجموعات، بما في ذلك المنظمات الدينية والناشطين المؤيدين للأسرة. ومع ذلك، فقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن الحركة لم تعد متراصة، بل بدأت تظهر فيها الانقسامات. تأتي هذه الانقسامات في وقت حرج، حيث تقترب الانتخابات النصفية، مما يزيد من أهمية كل صوت. وفي حين أن جزءًا كبيرًا من الحركة لا يزال متحمسًا ومؤيدًا للحظر التام على الإجهاض، فإن هناك أصواتًا جديدة تدعو إلى استراتيجيات مختلفة. يتزايد الشعور القلق بين بعض الناشطين من أن الحركات المتطرفة قد تأخذ الميدان وتلحق الضرر بانتصاراتهم السابقة. تسجل العديد من المجموعات المناهضة للإجهاض اختلافات كبيرة في الأراء حول كيفية المضي قدمًا، حيث يعتقد البعض أن التركيز يجب أن يكون على إيقاف عملية الإجهاض من خلال قوانين صارمة، بينما يفضل آخرون التعامل مع القضية من خلال التعليم والدعم الاجتماعي للأمهات المحتملات. هذا الانقسام يجعل من الصعب توحيد القوة السياسية التي تحتاجها الحركة لتحقيق أهدافها. من جهة أخرى، يواجه الأعداء المحتملون للحركة من مؤيدي حقوق الإجهاض قوة متزايدة. فقد استفاد هؤلاء من حالة الذعر والمخاوف التي أحدثها_الانسحاب المفاجئ للحق الدستوري للإجهاض. تجمع حشود كبيرة في الشوارع تعبر عن تأييدها لحقوق النساء، وتظهر استطلاعات الرأي أن هناك زيادة ملحوظة في الدعم العام للإجهاض. استثمرت العديد من المنظمات في الحملات الانتخابية للتأكيد على أهمية حقوق الإجهاض، مما يضيف ضغطًا إضافيًا على حركة مكافحة الإجهاض. تعكس المستجدات في الساحة السياسية الوضع المتناقض الذي تعيشه الحركة. وبعيدًا عن الانقسامات الداخلية، فإن الأحزاب السياسية تعاني أيضًا من عدم اليقين. فنظرة الحزب الجمهوري، الذي يمثل الكثير من مؤيدي الحركة المناهضة للإجهاض، ليست موحدة، حيث يعبر بعض الأعضاء عن مخاوفهم من أن التشدد في هذه المسألة قد يبتعد بالناخبين. تشير تقارير إلى وجود عدم توافق واضح بين من يرغب في استبدال الحظر الشامل بإصلاحات أكثر توازنًا والتقدميين الذين يصرون على حق المرأة في اتخاذ القرار. على صعيد آخر، يلوح في الأفق تأثير الشركات الكبرى ووسائل الإعلام في هذه القضية. فقد بدأ جزء كبير من المجتمع التجاري يعبّر عن دعم أكبر لحقوق الإجهاض، وهو ما يجعل من الصعب على الحركات المناهضة للإجهاض الحصول على الدعم الذي كانت تتمتع به سابقًا. وبالتالي، يواجه الناشطون المناهضون للإجهاض تحديًا مزدوجًا: الحفاظ على وحدتهم الداخلية بينما يتعهدون بالتغلب على الأعداء الخارجيين الذين يهددون استراتيجياتهم. ومع اقتراب الانتخابات، يتساءل الكثيرون عن كيفية تأثير هذه الديناميات على نتائج الاقتراع. علامة التحذير واضحة: الانتخابات القادمة قد تكون فاصلة بالنسبة لمستقبل حركة مكافحة الإجهاض في الولايات المتحدة. إن لم تتجاوز الحركات الانقسام الحالي وتجمع قواها، فإن تأثيرها في الانتخابات المقبلة قد يكون محدودًا. بحسب عدة خبراء، التداعيات السياسية الناتجة عن هذا الانقسام قد تؤدي إلى خسارة المناصب الرئيسية. فالناخبون الشباب، الذين يتصدرون الاهتمام بالمسائل الاجتماعية مثل حقوق الإجهاض، قد يجدون أنفسهم مضطرين للتصويت ضد المرشحين الذين لا يعكسون قيمهم. تشير الاستطلاعات إلى أن القضايا المتعلقة بالإجهاض أصبحت محورية بالنسبة لحفز الناخبين، حيث يرفع دعم حقوق النساء من نسبة المشاركة. لن يكون من السهل استعادة زخم الحركة المناهضة للإجهاض بعد كل ما جرى. يتطلب الأمر خريطة طريق موحدة ورؤية واضحة تتجاوز القضايا الداخلية، والتركيز بدلاً من ذلك على كيفية التفاعل مع القضايا الملحة والموجهة نحو المستقبل. ومع كون حقوق الإجهاض موضوعًا مهمًا للكثيرين، يجب على الناشطين إعادة تقييم استراتيجياتهم لضمان عدم فقدان كل ما بنوه خلال الأعوام الماضية. في الختام، الاستعداد للانتخابات المقبلة سيشكل اختبارًا حقيقيًا لمصداقية واستدامة الحركة المناهضة للإجهاض. في الوقت الذي يتزايد فيه الجدل حول قضية الإجهاض، يتعرض الناشطون للضغط لتوحيد جبهتهم والتكيف مع العصر الجديد. فمستقبل الحركة يعتمد على قدرتها على الاستجابة للتحديات والتغيرات التي تشهدها الساحة السياسية.。
الخطوة التالية