في عالم يتطور فيه كل شيء بسرعة، لا تعد صناعة الأفلام استثناءً. ومع دخول العملات الرقمية، مثل البيتكوين والإيثيريوم، إلى حياة الناس اليومية، تتخطى تأثيراتها مجرد كونها أداة مالية بل تسعى لتكون جزءًا من عالم السينما. شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا من قبل صناع السينما باستكشاف كيفية دمج العملات المشفرة في عمليات الإنتاج والتوزيع. أحد المفاتيح لفهم هذا الاتجاه هو الإدراك المتزايد بأن العملات الرقمية يمكن أن تقدم حلاً لعدد من التحديات التقليدية التي تواجه صناعة السينما. تقليديًا، كانت عمليات الإنتاج السينمائية تعتمد بشكل كبير على المستثمرين والممولين، الذين كان يتعين عليهم غالبًا انتظار عوائد طويلة الأجل. لكن مع ظهور العملات المشفرة، يمكن لصناع الأفلام استخدام تقنيات مثل التمويل الجماعي القائم على البلوكشين لجمع الأموال بسرعة وكفاءة أكبر. واحدة من أبرز المشاريع هي فيلم "جورني إلى المريخ"، الذي تم تمويله جزئيًا من خلال إصدار عملة رقمية خاصة بالمشروع. وقد شهد هذا الفيلم نجاحًا كبيرًا، مما دفع العديد من المخرجين والمنتجين الآخرين إلى استكشاف هذا الاتجاه. يعتمد التمويل الجماعي عبر العملات الرقمية على فكرة أن المشجعين والمستثمرين الصغار يمكنهم دعم المشاريع التي يعتقدون أنها تستحق الدعم، وهذا يمنحهم فرصة للمشاركة في نجاح الفيلم المحتمل. لكن الفوائد لا تقتصر على التمويل فقط. تساعد العملات المشفرة أيضًا في تسهيل المعاملات الدولية. فبدلاً من الاعتماد على الأنظمة المصرفية التقليدية التي قد تكون بطيئة ومكلفة، يمكن لصناع الأفلام استخدام العملات الرقمية لإجراء معاملات سريعة وفعالة، مما يسهل التعاون عبر الحدود. زيادة على ذلك، تنفتح أمام صناع الأفلام آفاق جديدة من حيث التوزيع. في السنوات الأخيرة، ظهرت منصات جديدة تعتمد على تكنولوجيا البلوكشين، مما يتيح للمنتجين توزيع أفلامهم مباشرة إلى الجمهور دون الحاجة إلى وسطاء تقليديين. على سبيل المثال، يمكن للفنانين استخدام منصات مثل "فيلم أنغاج"، حيث يمكنهم بيع التذاكر مباشرة للمشاهدين باستخدام العملات الرقمية. وهذا يتيح لهم الاحتفاظ بجزء أكبر من العائدات بدلاً من تقسيمها مع وكالات التوزيع. ومع ذلك، ليست المشاريع التي تجمع الأموال بواسطة العملات المشفرة خالية من التحديات. فقد شهدنا في السنوات السابقة العديد من المشروعات التي فشلت، مما أدى إلى فقدان المستثمرين لمدخراتهم. بهذا تظهر الحاجة إلى إيجاد إطار قانوني يحمي المستثمرين ويلزم المنتجين بإظهار الشفافية في استخدام الأموال. تشير بعض التقديرات إلى أن إدماج العملات المشفرة في صناعة السينما يمكن أن يوفر الكثير من الفرص الجديدة. فمثلاً، هناك إمكانية لإنشاء نماذج جديدة من التمويل، مثل الإصدارات المحدودة لعملات رقمية مرتبطة بالأفلام، والتي يمكن أن تمثل نوعًا من الملكية الرقمية لهذا العمل. مما يعني أن المعجبين سيكون لديهم فرصة لامتلاك جزء من الفيلم. وعلينا أيضًا أن نأخذ في الاعتبار تأثير العملات المشفرة على التسويق. يمكن أن يُستخدم الكريبتو كأداة لتجميع البيانات حول المشاهدين، مما يساعد صناع الأفلام على معرفة جمهورهم المستهدف بشكل أفضل. بإمكانهم استخدام المعلومات لتحسين استراتيجياتهم التسويقية وزيادة اهتمام الجمهور بالأفلام الجديدة. ليس من المستحيل أن نرى في المستقبل القريب تصاعدًا في عدد الأفلام التي يتم إنتاجها وتمويلها بفضل العملات الرقمية، بل وظهور نجوم سينما جدد يرتبطون بهذه الصناعة من خلال استخدام هذه التقنيات الحديثة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تصبح منصات البلوكشين بمثابة المساحة الجديدة للفنانين المستقلين، داعمةً للإبداع ومحدثةً ثورة في كيفية تقييم الأعمال الفنية. فيما يتعلق بالجمهور، فإن العملات المشفرة تفتح لهم أيضًا أفقًا جديدًا. فبدلاً من الاعتماد على التأجير التقليدي أو شراء تذاكر السينما، يمكن لمستخدمي العملات الرقمية مشاهدة الأفلام مباشرة على منصات الإنترنت والحصول على احتفاظ بالعملات كجزء من هذه التجربة. وبإلقاء نظرة على المستقبل، يمكن القول إن العلاقة بين التكنولوجيا والتسلية ستمضي قدمًا، ليصبح عالم السينما مكانًا للابتكار والتجربة. يتطلع العديد من صناع الأفلام الآن إلى تكامل النظام المالي الجديد مع الفنون، حيث تكون الحداثة جزءًا لا يتجزأ من التجربة السينمائية. وفي ختام هذه المطالبات، يظهر أن الاتجاه نحو دمج العملات الرقمية في صناعة الأفلام ليس مجرد فقاعة، بل هو تحول قد يمثل نقطة تحول كبيرة في كيفية إنتاج وتوزيع الأفلام في المستقبل. هناك الكثير من الفرص تنتظر من يستثمر في هذه الجمهورية الجديدة، وفي النهاية، ستستفيد الشاشة الكبيرة من ربحية هذا النمو المستدام.。
الخطوة التالية