في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح تأثير المشاهير والمعروفين عبر الإنترنت (الإنفلونسرز) ظاهرة متزايدة، خصوصًا بين الشباب. ويمثل هذا الأمر تحديًا متزايدًا في كيفية فهم المعايير المجتمعية الجديدة وقياس النجاح. من بين هؤلاء الإنفلونسرز، يبرز اسم سيباستيان غيورغي، الذي أثار جدلاً واسعًا بتصريحاته حول النجاح المالي، حيث قال مؤخرًا إنه ينبغي على الذين لم يمتلكوا سيارة لامبورغيني في منتصف العشرينات من أعمارهم أن يعيدوا التفكير في مسار حياتهم. غالبًا ما نجد أنفسنا نتساءل: هل يمتلك الشاب العشرين شيئًا يمكن قياسه كنقطة انطلاق للنجاح؟ هل السيارة الفاخرة أو الرفاهية تعتبر مؤشراً رئيسياً للثراء والنجاح؟ سيباستيان غيورغي، وهو أحد أصوات جيل الشباب الناشئ، يمثل نمطًا جديدًا من التفكير والتركيز على المال ورغبات الحياة. لقد أصبح الشغف بالمال والرفاهية شائعًا في أوساط الشباب. يغمرهم أحيانًا الإحساس بأن الطبيعة التنافسية للنجاح المالي تفرض عليهم أن يكونوا دائمًا في حالة سعي وتحقيق للإنجازات. يبدو أن غيورغي يؤيد هذا الاتجاه بقوة، حيث يرى أن النجاح يمكن قياسه بالقدرة على شراء السيارات الفاخرة، مثل اللامبورغيني، وغيرها من الرموز الفاخرة. من جهة أخرى، هذا التوجه يطرح العديد من التساؤلات. هل يجب أن يكون الشباب تحت الضغط من أجل التحلي بمعايير معينة لقياس نجاحاتهم؟ هل حصر النجاح في الحصول على سيارة فاخرة يعني فقدان المعاني الأعمق للنجاح والإنجازات الشخصية والعملية؟ تجدر الإشارة إلى أن تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي تساهم بقوة في تشكيل هذه المعتقدات. فملايين المتابعين يرون يوميًا صورًا ومقاطع لحياة تكون فيها الرفاهية والنجاح متلازمتين. ومع التوجه المتزايد نحو حياة الرفاهية، يقوم بعض الشباب بزيادة استثماراتهم في تجارب قد لا تتماشى مع وضعهم المالي الحقيقي، مما يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات مالية غير سليمة. يجب أن نتذكر أن مفهوم النجاح ليس ثابتًا. إنه متغير ويختلف من شخص لآخر. النجاح بالنسبة لشخص قد يكون في الوصول إلى هدف معين في حياته المهنية، بينما بالنسبة لشخص آخر قد يتعلق ببناء عائلة سعيدة أو المشاركة في المجتمع. لذا، من المهم الاعتراف بأن كل شخص لديه معاييره الخاصة وأنه لا يوجد مقياس واحد يناسب الجميع. على الرغم من الحديث المتواصل عن الرفاهية ورموزها، إلا أنه أيضًا يوجد وعى متزايد بين الشباب حول أهمية تعزيز النقد الذاتي والوعي المالي. يتزايد عدد الشباب الذين يعون أهمية إدارة الأموال بشكل حكيم، والتخطيط المالي بعيد المدى، والاستثمار في التعليم والمهارات. هؤلاء الشباب يمثلون جزءاً من جيل يسعى لإعادة تعريف النجاح بمعايير خاصة بهم، بعيدًا عن التوجهات الاستهلاكية المجنونة التي تروج لها بعض الشخصيات العامة. يجب أن نتوقف أمام حقيقة أن الإنفلونسرز، مثل سيباستيان غيورغي، لا يمثلون سوى جزء من واقع أكبر. إن التأثيرات التي تروج لها هذه الشخصيات يمكن أن تكون إيجابية أو سلبية. فبينما يمكن أن تلهم بعض الأفراد لتحقيق أهدافهم المالية، يمكنها أيضًا أن تؤدي إلى تفكير مضطرب لدى آخرين، يشقبل إحباطات أو مشكلات مالية لديهم بسبب سعيهم وراء حرية مادية غير منطقية. إن تصنيف النجاح على أساس الملكية أو المال فقط يعكس خللاً في فهم القيم الإنسانية والمعنى الحقيقي للحياة. من المهم أن نفكر في القيم التي نسعى للوصول إليها، وفي الأسس التي نبني عليها أهدافنا. هل نبني أهدافنا على الأساسيات، مثل الحب، والاعتناء بالذات، والإنجازات الذاتية؟ ختامًا، يمكن القول إن التأثير الكبير لثقافة الإنفلونسرز يمثل تحديًا وفرصة في نفس الوقت. يجب علينا جميعًا أن نكون واعين لتأثير هذه الثقافة ونتبنى مقاييس نجاحنا الشخصية. من المهم أن يتعلم الشباب أن النجاح يُقاس بمزيج من العوامل، بما في ذلك السعادة الشخصية، الصحة النفسية، والمعنى الذي يستخرجونه من تجاربهم في الحياة، وليس فقط بما يمتلكونه من أشياء مادية. إن الوعي النقدي والقدرة على التفريق بين القيم الحقيقية والجوانب السطحية في الحياة هي ما سيساعد الشباب على اتخاذ قراراتهم الخاصة بعيدًا عن الضغوطات الاجتماعية.。
الخطوة التالية