أفاد الموقع التقني "TechCrunch" في خبر بارز عن التحول التاريخي الذي شهده منصة إيثريوم، حيث تم الانتقال إلى نموذج "إثبات الحصة" (Proof-of-Stake) بعد إتمام الدمج المعروف باسم "The Merge". هذا الحدث ليس مجرد تحديث تقني، بل يعتبر نقطة تحول في عالم البلوكتشين والعملات الرقمية بشكل عام، حيث يسعى لإحداث تأثيرات واسعة وعميقة على المجتمع الرقمي والبيئة. منذ إطلاق إيثريوم في عام 2015، لعبت هذه الشبكة دوراً محورياً في تطوير تطبيقات اللامركزية (DApps) والعقود الذكية. ومع ذلك، لم تكن هناك حلول فعالة كافية لمشكلة استهلاك الطاقة المرتبطة بنموذج "إثبات العمل" (Proof-of-Work) الذي استخدمته إيثريوم في السابق. ورغم أن "إثبات العمل" قد أثبت كفاءته في تأمين الشبكة، إلا أنه كان يحتاج إلى كميات ضخمة من الطاقة، ما أدى إلى قلق كبير بشأن تأثيره البيئي. مع تطور الأحداث والضغوط المتزايدة من قبل المجتمع والمنظمات البيئية، بدأت إيثريوم تبحث عن حل بديل. وفي عام 2020، بدأت إيثريوم في تقديم نموذج "إثبات الحصة"، الذي يعد بديلاً أكثر استدامة. يعتمد هذا النموذج على آلية مختلفة تمامًا من حيث كيفية تأمين الشبكة والتحقق من المعاملات. بدلاً من الاعتماد على المنافسة لحل الألغاز المعقدة (كما هو الحال في نموذج "إثبات العمل")، يسمح "إثبات الحصة" للمستخدمين بالمشاركة في تأمين الشبكة من خلال حجز أو "إيداع" عملات إيثريوم الخاصة بهم، مما يؤهلهم لتولي مهام التحقق. تقدم "The Merge" فرصة للتحول للعالم الرقمي بأسره. وقد بدأ العد التنازلي لإتمام الدمج في الأشهر القليلة التي سبقت الحدث، حيث اجتمع المطورون والمستثمرون على حد سواء لمتابعة التطورات. وعند اكتمال الدمج، أصبحت إيثريوم الآن قادرة على معالجة المعاملات بسرعة أكبر وبتكلفة أقل، مما يجعلها حلاً جذابًا للمشاريع الجديدة والمستثمرين. وقد حظي هذا الانتقال بترحيب واسع من قبل العديد من الجهات. حيث عبر العديد من القادة في صناعة البلوكتشين عن تفاؤلهم الكبير تجاه هذا التحول. يعتبر تيم درابر، المستثمر المعروف في مجال التكنولوجيا، أن هذا الانتقال يعد "خطوة عملاقة نحو مستقبل أكثر استدامة". وأضاف أن هذه الخطوة تمثل تحركًا جريئًا نحو تقليل الحاجة إلى الطاقة. فضلًا عن ذلك، يعتبر هذا التحول أيضًا فرصة لجذب مستثمرين جدد إلى السوق. مع التركيز المتزايد على الاستدامة، قد تجد الشركات التي تتطلع لتبني التكنولوجيا الحديثة نفسها تنجذب إلى إيثريوم بصورة أكبر بعد الانتقال إلى "إثبات الحصة". مع ذلك، لم تخلُ هذه الخطوة من التحديات. فقد أثار البعض تساؤلات بشأن سلامة وأمان نموذج "إثبات الحصة". حيث يتعلق القلق بشكل أساسي بكيفية تأثير هذا النموذج على قوة الشبكة وأمنها. ومع استمرار إيثريوم في التطوير والتنقيح، يعمل المطورون على معالجة هذه المخاوف وتقديم ضمانات إضافية للمستخدمين. كما يمكن أن تتأثر السوق بشكل إيجابي على المدى القصير بسبب التحول إلى "إثبات الحصة". ومن المتوقع أن يتزايد الطلب على الإيثريوم، مما قد يدفع سعر العملة إلى الارتفاع. لكن، كما هو الحال في جميع الأسواق، يعتمد المستقبل على عوامل متعددة، بما في ذلك الابتكارات التكنولوجية الأخرى والمنافسة من الشبكات الجديدة. إضافةً إلى ذلك، يمثل الدخول في عالم "إثبات الحصة" فرصة لتطوير تطبيقات جديدة تدعم الاستدامة البيئية. يمكن للمطورين الآن الاستفادة من القوة الناتجة عن خفض استهلاك الطاقة لإنشاء مشاريع مبتكرة تساهم في تحقيق الأهداف البيئية العالمية. في اليوم التالي لإتمام "The Merge"، كانت هناك موجة من المشاعر بين مستخدمي إيثريوم. احتفل الكثيرون بنجاح التحول وشجعوا بعضهم البعض على استكشاف الفرص الجديدة التي يحملها هذا النموذج. بدأت المنصات التعليمية في تقديم برامج ودورات حول كيفية استثمار العملات الرقمية بشكل أكثر فاعلية في ظل التغييرات الجديدة. لتلخيص، فإن الانتقال إلى نموذج "إثبات الحصة" يعد خطوة حاسمة في تحسين شبكة إيثريوم، ويجعلها أكثر ملاءمة للبيئة وأكثر جذبًا للمستخدمين والمستثمرين. تعد "The Merge" بمثابة لحظة فارقة في تاريخ البلوكتشين، ومن المثير للاهتمام متابعة كيفية تطور الأمور في الأشهر والسنوات القادمة. ومع بروز إيثريوم كمثال يحتذى به، نتمنى أن تتبع الشبكات الأخرى حذوها وتتبنى مفاهيم تساهم في تحسين الاستدامة وتعزيز الابتكار في هذا المجال. ستظل عيون المستثمرين والمطورين مشدودة إلى إيثريوم، حيث أن التحولات في هذه الساحة يمكن أن تحدد مستقبل الاقتصاد الرقمي بأكمله. في النهاية، يمثل هذا الحدث أكثر من مجرد تحديث تقني، بل هو بداية لعصر جديد حيث تلعب التقنية دورًا أساسيًا في بناء عالم مستدام.。
الخطوة التالية