في عالم المال والتكنولوجيا، يعدّ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شخصية مثيرة للجدل. ومن بين وعوده العديدة، بَرزت واحدة خاصة تتعلق بعالم العملات الرقمية وهي وعده بتحويل الولايات المتحدة إلى "عاصمة العملات الرقمية في العالم". ولكن هل قام ترامب باتخاذ خطوات فعلية لتحقيق هذا الوعد، أم أنه كان مجرد كلام دون فعل؟ عندما تولى ترامب منصبه في يناير 2017، كان عالم العملات الرقمية لا يزال في مرحلة مبكرة من نضوجه. وقد ارتفعت شعبية البيتكوين وغيره من العملات الرقمية خلال فترة رئاسته، مما دفع العديد من السياسيين والمستثمرين إلى التفكير في مستقبل هذه التقنية. في ذلك الوقت، كان ترامب يُظهر اهتمامًا قويًا بالابتكار التكنولوجي، وكان لديه فكرة قوية عن أهمية تفوق الولايات المتحدة في جميع المجالات، بما في ذلك التكنولوجيا المالية. في 2020، خلال حملته الانتخابية، جاء ترامب بوعود طموحة لتحفيز الابتكار والاستثمار في قطاع العملات الرقمية. وقد زعم أن دعم الاقتصاد الرقمي سيجذب المزيد من الشركات والمستثمرين إلى الولايات المتحدة، مما سيؤدي في النهاية إلى خلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي. علاوة على ذلك، اقترح ترامب ضرورة وضع تنظيمات مناسبة لدعم هذا القطاع دون الضغط على الابتكار. ولكن على الرغم من هذه الوعود، فإن هناك عددًا من العوامل التي تثير التساؤلات حول ما إذا كان ترامب قد نجح حقًا في تحويل الولايات المتحدة إلى عاصمة العملات الرقمية. فبينما ارتفعت شعبية العملات الرقمية، كانت هناك أيضًا تحذيرات متزايدة من المخاطر المرتبطة بها، بما في ذلك الاحتيال والتلاعب والتقلبات الكبيرة في الأسعار. هذه المخاوف جعلت بعض المستثمرين يترددون في الدخول إلى هذا السوق. علاوة على ذلك، فإن تشريعات العملات الرقمية كانت تتطور بشكل أسرع من قدرة إدارة ترامب على مواكبتها. وقد شهدت الولايات المتحدة مجموعة من التنظيمات الجديدة التي تهدف إلى حماية المستثمرين وتنظيم السوق. بينما كان لدى ترامب فرصة للتأثير الإيجابي على هذا السوق، فإن الهوة بين الرغبة في الابتكار والواقع التنظيمي جعلت الأمور أكثر تعقيدًا. وفي السنوات التي تلت خروج ترامب من البيت الأبيض، استمرت التطورات في عالم العملات الرقمية. ومع ذلك، لم تتوقف الولايات المتحدة عن المنافسة على لقب "عاصمة العملات الرقمية". حيث ظهرت دول أخرى مثل الصين وسويسرا كوجهات جذابة للمستثمرين في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك، فإن تشديد القوانين في بعض الولايات الأمريكية جعل من الصعب على الشركات الناشئة في هذا القطاع أن تزدهر. شغلت العملات الرقمية حيزًا كبيرًا في وسائل الإعلام، حيث تم تسليط الضوء على بعض التجارب الناجحة لشركات عملات رقمية، ولكن في الوقت نفسه، ظهرت حالات فشل كثيرة. عدة مشاريع انهارت وترك المستثمرين في حالة من الذهول. ومع ذلك، لم يتوقف هذا القطاع عن النمو، بل تأقلم مع المخاطر وتحديات السوق. عندما نتحدث عن إدارة ترامب وما قامت به في مجال العملات الرقمية، يجب أن نتطرق إلى الدور الذي لعبته المؤسسات المالية التقليدية. فقد عبّرت بعض البنوك الكبرى عن قلقها بشأن العملات الرقمية، مشيرةً إلى أن هذه العملات قد تهدد النظام المالي الحالي. ومع ذلك، فإن هذا القلق تجلى بمبادرات مختلفة من قبل بعض هذه المؤسسات للدخول في هذا المجال. فبدأت تتبنى بعض البنوك تقنيات البلوكتشين وتسمح بإجراء معاملات رقمية. في نهاية المطاف، يمكن القول إن وعد ترامب بتحويل الولايات المتحدة إلى "عاصمة العملات الرقمية" لم يتحقق. وبرغم الجهود التي بُذلت خلال فترة رئاسته لوضع الأسس اللازمة لهذا التحول، فإن الافتقار إلى التشريعات الشاملة، بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بالأمان، كانت عوائق رئيسية. شهدت العملات الرقمية نموًا ملحوظًا بعد فترة ترامب، ولكن ليس بمعزل عن القوانين والتحولات في السوق. اليوم، يُعتبر عالم العملات الرقمية جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي. ومع دخول الجديد والمبتكرين إلى هذا المجال، تتزايد الفرص والتحديات. والعديد من الدول تعمل على تطوير استراتيجياتها لجذب الاستثمارات في هذا القطاع. ختامًا، يبقى السؤال: هل ستنجح أي إدارة أمريكية مستقبلية في تحقيق ما عجزت عنه إدارة ترامب؟ قد يكون الأمر مرهونًا بمدى استعداد هذه الإدارات لتبني الابتكارات وتنظيم السوق بشكل يناسب جميع الأطراف. لا يزال أمام الولايات المتحدة فرصة لتكون رائدة في هذا المجال، وذلك من خلال الاستفادة من الدروس المستفادة من التجارب السابقة. إن تحديد ملامح السياسة المستقبلية هو ما قد يمنحها مكانة قوية في عالم العملات الرقمية.。
الخطوة التالية