في عصرنا الحالي، حيث تتزايد الفجوة بين الأثرياء والفقراء، يصبح من الضروري النظر في الأنظمة الضريبية وكيفية إدارتها. تشير العديد من الدراسات والتقارير إلى أن هناك فشلاً في النظام الضريبي لا يخدم المصلحة العامة بل يعزز من استفادة الأثرياء والشركات الكبرى. في هذا السياق، تأتي مركز التقدم الأمريكي لتسلط الضوء على هذه القضية المهمة. تزايدت في السنوات الأخيرة الأصوات التي تدعو إلى إصلاح النظام الضريبي في الولايات المتحدة، حيث أن النظام الحالي مائل بشكل كبير لصالح الأثرياء والشركات. وفقاً للعديد من الدراسات، فإن أموال الضريبة التي يتم جمعها من الأفراد ذوي الدخل المنخفض والمتوسط تشكل الجزء الأكبر من الإيرادات الضريبية، بينما يجد الأثرياء وعملاق الشركات طرقاً للتهرب الضريبي أو الاستفادة من الثغرات القانونية لتحقيق مكاسب غير عادلة. واحدة من القضايا المركزية التي تم تسليط الضوء عليها هي عدم مساواة الضرائب. ففي الوقت الذي يتحمل فيه المواطنون العاديون عناء دفع الضرائب على دخلهم، نجد أن العديد من الأثرياء يدفعون نسبًا أقل بكثير من الضرائب نظرًا للثغرات والامتيازات الضريبية المتاحة لهم. فعلى سبيل المثال، يملك العديد من الأثرياء استثمارات وأصولاً تُدر عوائد مرتفعة، لكن الضرائب المفروضة على تلك العوائد غالباً ما تكون أقل من الضرائب المفروضة على الأجور والرواتب. ينبغي أن نتسائل: كيف يمكننا تحسين هذا النظام الضريبي لجعله أكثر عدالة؟ يعتقد مركز التقدم الأمريكي أن الخطوة الأولى هي توسيع قاعدة الضرائب. بدلاً من التركيز على فرض الضرائب على الطبقات المتوسطة والفقيرة، يجب أن نتطلع إلى زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبيرة. حيث يشير المركز إلى أن التركيز على الأثرياء يمكن أن يوفر إيرادات ضخمة تمكّن الحكومة من دعم الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية. وفي سياق متصل، تسعى الحركات الشعبية إلى تعزيز الشفافية في النظام الضريبي. فالكثير من المواطنين لا يعرفون كيف تُحدّد الضرائب وكيف يتم توزيع الإيرادات، مما يؤدي إلى انعدام الثقة في النظام ككل. لذا، يتوجب على الحكومات زيادة الشفافية والمساءلة فيما يتعلق بكيفية استخدام الإيرادات الضريبية. ومع ذلك، فإن معالجة القضايا المتعلقة بالنظام الضريبي لا تتعلق فقط برفع الضرائب فحسب، بل تشمل أيضاً معالجة الفساد والتلاعب. يجب على الحكومات أن تتخذ خطوات حقيقية لتحسين إدارة الإيرادات الضريبية، من خلال تطبيق قوانين صارمة ضد التهرب الضريبي وتعزيز الرقابة على الشركات. إن وجود نظام ضريبي فعال يعتمد على ثقة المواطنين في أن أموالهم تُستخدم بشكل صحيح. وفي هذا الإطار، نجد أن العديد من الدول بدأت في اتخاذ خطوات نحو إصلاح النظام الضريبي. على سبيل المثال، قامت بعض الدول الأوروبية بفرض ضرائب أعلى على الأثرياء، ونجحت في استخدام تلك الأموال لتحسين خدمات المواطنين. كما قام بعض السياسيين في الولايات المتحدة بطرح سياسات جديدة تتضمن زيادة الضرائب على الشركات الكبرى. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع المدني أن يلعب دورًا فعالًا في الضغط من أجل التغيير. فالضغط الشعبي يمكن أن يكون له تأثير كبير في تشكيل السياسات الضريبية. يجب أن تتضافر الجهود بين مختلف القطاعات لتسليط الضوء على الظلم الذي يعاني منه المجتمع نتيجة النظام الضريبي الحالي. إن الوصول إلى نظام ضريبي عادل يتطلب التزامًا طويل الأمد وإرادة سياسية قوية. فكلما تم تجاهل هذه القضايا، زادت الفجوة في المجتمع، وأصبحت قضايا العدالة الاجتماعية أكثر إلحاحًا. هناك حاجة ملحة لفهم أن النظام الضريبي ليس مجرد وسيلة لجمع الإيرادات، بل يمكن أن يكون أداة قوية لتعزيز المساواة الاجتماعية وتقليل الفقر. ختاماً، يتعين علينا جميعًا أن نسعى من أجل نظام ضريبي عادل يحقق مصالح الجميع وليس فئة معينة. فالإصلاح الضريبي ليس مجرد مطلب اقتصادي، بل هو حق إنساني يجب أن يتحقق في أي مجتمع يسعى لتحقيق العدالة والازدهار. قد تكون الخطوات الكبيرة صعبة، لكن التغيير يبدأ دائماً بخطوة صغيرة. إدارة أنظمة الضرائب بشكل يضمن العدالة والمساواة هو الطريق نحو مستقبل أفضل للجميع.。
الخطوة التالية