في عالم الأدب والنشر، كان لنات سيلفر صدىً واسعًا بفضل كتابه الأول “الإشارة والضوضاء”، الذي نشر في عام 2012. تناول هذا الكتاب، الذي حقق مبيعات ضخمة، موضوع التنبؤ بالأحداث المستقبلية، وسلط الضوء على عوامل جعلت بعض الأشخاص أكثر كفاءة في هذا المجال من غيرهم. ومع ذلك، يبدو أن سيلفر عاد بكتاب جديد، “على الحافة: فن المخاطرة بكل شيء”، ليقدم لنا منظورًا مختلفًا، لكن الانتقادات التي واجهها تشير إلى أنه قد يكون قد وضع رهاناته في أماكن خاطئة. يصدر كتاب “على الحافة” في أغسطس 2024، ويتألف من 576 صفحة، ويعتبر أطول من كتابه السابق. ومع ذلك، يجد النقاد أن محتوى هذا الكتاب أقل عمقًا. يسعى سيلفر، هذه المرة، لاستكشاف ثقافة المقامرة الاستثمارية، حيث يتنقل بين فيغاس وول ستريت ووادي السيليكون، مع التركيز على ما يسميه “عالم النهر”. يتمحور الكتاب حول سلوكيات المخاطرة والطريقة التي يتعامل بها المقامرون مع المعلومات الناقصة، مشبهًا إياها بعالم الانتخابات. تستهل صفحات الكتاب بتقديم لمحة عامة عن صناعة القمار، التي تصل عائداتها إلى تريليونات الدولارات. ورغم أن سيلفر يوجه أصابع الاتهام إلى الجوانب الإيجابية لهذه الصناعة من حيث خلق فرص جديدة، إلا أن وصول القمار إلى مستويات لم يشهدها من قبل في الولايات المتحدة يحمل تساؤلات بشأن التأثيرات الاجتماعية السلبية لهذه الظاهرة. ففي عام 2022، أفادت التقارير بأن الأمريكيين فقدوا حوالي 130 مليار دولار في الكازينوهات، ومع ذلك يبدو أن سيلفر يتجاهل الآثار السلبية لنمو القمار المتزايد. في فصول الكتاب، يتناول سيلفر سلوكيات المقامرين وكيف تتطور الصناعات المرتبطة بالقمار، مثل التطبيقات الرياضية والخدمات المشابهة. لكنه يتجاهل الحديث عن المخاطر النظامية المرتبطة بهذا القطاع، مثل المخاوف من زيادة الإدمان على القمار وتأثيره السلبي على المجتمع. يبدو أن سيلفر يعيش في عالم من التفاؤل الزائد لذلك، فإنه يعرض “عالم النهر” كصورة رومانسية لمغامرات القمار دون إدراك الآثار التي يمكن أن تترتب على المجتمع من سلوكيات كهذه. هيمن على الكتاب أسلوب غير مترابط، حيث تم تقسيمه إلى قسمين مع تنويه بينهما حول “ثلاثة عشر عادة ناجحة للمخاطرين”. يعكس ذلك تباينًا بين الثناء على القمار وسرد قصص النجاح في عالم الأعمال، وبين الخطوط العريضة لنصائح مستمدة من عالم التحفيز الذاتي. ولكن عند النظر إلى الأسس الحقيقية التي يقوم عليها هذا النوع من الكتابة، يتبين أن سيلفر قد يفتقر إلى التحليل الأعمق لتلك الظواهر. تمتد تأثيرات “عالم النهر” إلى مجالات أخرى تتعلق بالتجارة والممتلكات في وادي السيليكون، حيث يستعرض سيلفر قصصًا لشخصيات مشهورة مثل سام بانكمان-فريد وآدم نيومان. ومع ذلك، يفتقر الكتاب إلى معالجة النظامات المالية وسياقية هياكل المخاطر التي يعيشها معظم المستثمرين. من الغريب أن سيلفر يتحدث عن المقامرة وكأنها مجرد نشاط ترفيهي، ولذا يغض الطرف عن التحديات التي تواجه الأفراد الذين ينغمسون في هذه الثقافات. الكتاب لا يتناول القضايا المهمة مثل كيفية تأثير القمار على الأسر والمجتمعات، ولا يتحدث عن الطريقة التي يمكن بها للسلطات تنظيم هذه الأنشطة بشكل فعّال للحفاظ على المصلحة العامة. ربما تكون واحدة من أكبر النقاط الناقدة في الكتاب هي الطريقة التي يتعامل بها سيلفر مع “المخاطر النظامية”. فيبدو أنه يبالغ في الاعتقاد بأن الثقافة الرائعة للنجاح والمخاطرة يمكن أن تتحول إلى تجربة إيجابية للجميع، دون فهم السياق الأوسع لذلك. يسعى سيلفر إلى تقديم قضايا مثيرة للجدل دون أي تعقيب نقدي، مما يترك القارئ في حيرة ويشعر بأن التحليلات ليست دقيقة بالقدر الكافي. خلال التعليقات على الكتاب، يتساءل بعض النقاد عما إذا كانت تلك التأملات تعكس فقط تجربة شخصية لسيلفر كرجل أعمال ومقامر، أم أنها محاولة لإعطاء مجموعة من الدروس المستفادة للجمهور. في النهاية، يبدو أنه من الضروري التطرق إلى الجوانب الحقيقية لتلك العمليات والتأثيرات التي تلقي بظلالها على المجتمع. قبل وقت طويل، كان يُنظر إلى الاستثمارات والمخاطرات كأدوات للتوسع والنمو. لكن في ضوء الحالات الملموسة والتحذيرات المعتادة بشأن القمار والمخاطر المالية، فإن العودة إلى التفاصيل الجوهرية ومعالجة العواقب المحتملة سيكون حاسمًا لفهم كيفية تطور “عالم النهر” بشكل صحيح. ختامًا، على الرغم من أن الكتاب يحمل طابعًا مثيرًا للاهتمام ويسلط الضوء على عالم يمكن أن يكون سحريًا، إلا أن “على الحافة” يقابل بانتقادات عدة وتحديات كبيرة. في ظل عدم معالجته للمخاطر والإدمان المفترضين، نجد أن الوعود التي يقدمها الكتاب لا تتساند بما يكفي لتكون مقنعة. يظهر الكتاب كقصيدة تحتفل بالمخاطرة والنجاح، ولكنها تفتقر إلى العمق والفهم، مما يجعله كتابًا يثير الجدل بدلًا من أن يقدم رؤية شاملة وعميقة حول التقاطعات المختلفة بين القمار والاستثمار والمجتمع.。
الخطوة التالية