في ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، بدأت نائبة الرئيس كامالا هاريس بتبني موقف إيجابي تجاه العملات الرقمية، مما أثار حماسة بين عشاق هذه العملات الذين انتظروا طويلاً لمعرفة موقفها. ومع تبقي 40 يومًا فقط على الانتخابات، يبدو أن هاريس تتطلع إلى جذب الناخبين الذين يهتمون بالتشفير في ظل وضع سياسي متنافس. أثناء خطابها في نادي الاقتصاد في بيتسبرغ، سعت هاريس إلى التأكيد على أن التقنيات النامية مثل البلوكتشين والذكاء الاصطناعي ستكون جزءًا أساسيًا من إدارتها إذا فازت في الانتخابات المقررة في نوفمبر. قبل ذلك بيومين، قدمت دعمها للذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية خلال حدث جمع تبرعات بقيمة 27 مليون دولار في نيويورك. وتبدو هذه التعليقات أولى تصدّياتها العامة في مجال البلوكتشين أو العملات الرقمية. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا اختارت هاريس هذا التوقيت لتظهر بمظهر القيادية المؤيدة للعملات الرقمية؟ ويرى ألكساندر بلوم، الرئيس التنفيذي لشركة تو برايم المتخصصة في الأصول الرقمية، أن تركيز هاريس المفاجئ على العملات الرقمية قد يكون استراتيجية مدروسة. فمع وجود أكثر من 50 مليون مالك للعملات الرقمية في الولايات المتحدة، والعديد منهم يعتبرون ذلك مسألة حيوية، فإن تصويتهم قد يكون له تأثير كبير في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وويسكونسن وكارولينا الشمالية. يسعى فريق هاريس إلى كسب تأييد عشاق العملات الرقمية قبل انتخابات نوفمبر، حيث قامت مجموعة تدعى "Crypto4Harris" بعقد اجتماع افتراضي لبدء تحركات من أجل دعم حملتها ودفعها نحو التخفيف من القيود الحالية على صناعة العملات الرقمية. وتشارك مجموعة من التنفيذيين البارزين في مجال التشفير في مكالمة مع مسؤولين في البيت الأبيض، حيث عبروا عن مخاوفهم تجاه القوانين الحالية والمستقبلية التي قد تؤثر على السوق. كما يتوجب على هاريس مواجهة الرئيس ترامب، الذي أطلق على نفسه لقب "مرشح العملات الرقمية" خلال هذه الدورة الانتخابية. تميز ترامب بتلقي التبرعات بالعملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثر والدوجكوين، كما شارك في مؤتمر خاص بالبيتكوين حيث دعا إلى تأسيس احتياطي وطني للعملة الرقمية. من الواضح أن حملة هاريس تسعى لتقديم نفسها كبديل جدي لتعزيز الثقة لدى عشاق العملات الرقمية، تمامًا مثل ترامب الذي يجذب دعمهم بوضوح من خلال سياساته ونشاطه في هذا المجال. وهذا يوضح مدى أهمية الناخبين في هذه الفئة، خصوصًا في وقت يبدو فيه أن كل صوت قد يسهم في تحديد نتائج الانتخابات. لكن يبقى سؤال كبير مفتوح حول مدى فهم هاريس للعملات الرقمية. فحتى الآن، تبدو تصريحاتها عن تنظيم العملات الرقمية وسياساتها واضحة، لكنها لا تعطي فكرة دقيقة عن موقفها من هذه القضايا. يرى بلوم أن كلا المرشحين لا يمتلكان فهمًا عميقًا للمتطلبات السياسية والتقنية لهذا القطاع، مما يثير القلق بين المتابعين. على الرغم من أن ترامب يبدو الأكثر نشاطًا في محاولة كسب ود الناخبين من عشاق العملات الرقمية، فإن هاريس تجلب معها خبرة من عملها مع قادة التكنولوجيا في وادي السيليكون. وهذا قد يعطيها بعض الفرص لفهم أفضل لما يهم عشاق هذه العملات. مما لا شك فيه أن ظهور العملات الرقمية كمقطة مهمة في الحملة الانتخابية يعكس التغيرات التي يشهدها العالم. فالتكنولوجيا المالية أصبحت بالفعل عنصرًا مركزيًا في الاقتصاد العالمي، مما يفرض على صناع القرار الانتباه إلى احتياجات وطموحات هؤلاء الناخبين. تظل الأسئلة حول مستقبل تنظيم العملات الرقمية قائمة، وذلك على الرغم من محاولة كليهما جذب الناخبين من هذه الفئة. لا يزال هناك نقص في الأجندات السياسية الواضحة من كلا المرشحين، مما يترك مستقبل هذه الصناعة غامضًا، بغض النظر عن هوية الفائز في الانتخابات المقبلة. إن الوضع الحالي يوحي بأن الأحزاب السياسية بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها لوضع سياسات واضحة وفعالة في مجال تنظيم العملات المشفرة. كما أن الجمهور المتزايد من مستخدمي العملات الرقمية يتطلب من المرشحين اتخاذ مواقف جادة ومحددة تقيم أهمية هذه التكنولوجيا في تحقيق نجاح اقتصادي مستدام. تحت الضغط المتزايد من مختلف الزوايا ومن قبل الناخبين الذين يعتبرون العملات الرقمية مسألة حيوية، قد يتعين على هاريس وترامب تطوير برامج سياسية واقعية وفعالة تنظم هذا القطاع. قد يكون ذلك هو السبيل الوحيد لنيل ثقة هذه الفئة من الناخبين وكسب أصواتهم في انتخابات لا يمكن أن تتنبأ نتائجها بسهولة. في نهاية المطاف، قد تكون الانتخابات المقبلة نقطة تحول في كيفية تعامل القيادات السياسية مع عالم العملات الرقمية وما يترتب عليه من تبعات اقتصادية وسياسية. ومع ذلك، تحتاج الكيانات الكبرى في الحكومة إلى إدراك ضرورة التنظيم الفعال والجيد لهذا القطاع الناشئ للحفاظ على استقرار الأسواق وحماية مصالح المواطنين.。
الخطوة التالية