في خطوة غير متوقعة، انضم دونالد ترامب، المرشح الجمهوري للرئاسة، إلى موجة العملات الرقمية التي تكتسب زخماً متزايداً في السنوات الأخيرة. في حدث كبير خلال مؤتمر بيتكوين 2024 الذي عُقد في ناشفيل بولاية تينيسي، أعلن ترامب دعمه القوي للعملات الرقمية، داعياً إلى إنشاء احتياطي استراتيجي وطني من هذه الأموال الرقمية. كان ترامب قد عبّر عن شكوكه حيال العملات الرقمية قبل أربع سنوات، لكنه غيّر موقفه الآن، مما يعكس تحولاً ملحوظاً في المشهد السياسي الأمريكي تجاه هذه التكنولوجيا الجديدة. تحتل العملات الرقمية حيزًا كبيرًا من النقاش في الساحة السياسية حالياً، حيث تتزايد أهمية هذا القطاع مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2024. فقد أعلنت كلا من المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس، كامالا هاريس، عن اهتمامها بمجال العملات المشفرة على الرغم من عدم تطرقها الموضوع بشكل مُباشر في حملتها الانتخابية حتى الآن. تشير التقارير إلى أن موظفي هاريس قاموا بالتواصل مع مجتمع العملات الرقمية، وأن الحملة الانتخابية تستفيد من التمويل الذي توفره الجماعات التي تدعم هذه الأموال الرقمية. يعود السجل الطويل للعملات الرقمية إلى ظهورها الأول في عام 2009 مع البيتكوين، الذي وُلِد من فكرة ثورة مالية تهدف إلى تقليل اعتماد الأفراد على الأنظمة المصرفية التقليدية. ومع ذلك، شهد هذا القطاع العديد من الأزمات مثل انهيار منصة “إف تي إكس” في عام 2022، مما أجج مخاوف الجهات التنظيمية من المخاطر المترتبة على هذه التكنولوجيا. في الآونة الأخيرة، تجتمع قوى سياسية من مختلف الأطياف في الولايات المتحدة، حيث بدأ العديد من النواب الجمهوريين والديمقراطيين مناقشة ضرورة تنظيم الصناعة بشكل شامل بعد فترة طويلة من التجزئة في التشريعات. يؤمن بعض المشرعين بأن هذه الخطوة ستساعد على حماية المستثمرين وتحسين بيئة الأعمال، وتجنب عمليات الاحتيال المتزايدة التي شهدها هذا السوق. من جهة أخرى، يعتقد مؤيدو العملات الرقمية أن وجود تنظيم واضح يمكن أن يعود بفائدة كبيرة على الصناعة ويسمح لها بالنمو بشكل مستدام. في حديث لها، أكدت السيناتورة الجمهورية، سينثيا لاميس، على أهمية وضع إطار تنظيمي شامل لرسم ملامح سوق العملات الرقمية في الولايات المتحدة، محذرة من أن عدم التصرف قد يؤدي إلى نقل الصناعة إلى دول أخرى مثل أوروبا. وصرحت بأنها تأمل في أن يتمكن الكونغرس من إقرار تشريعات جديدة تُنظم هذا المجال قبل بداية الكونغرس الجديد في يناير. تكمن إحدى التحديات الكبيرة التي تواجه المشرعين في تصنيف العملات الرقمية بشكل صحيح. فبينما تُعتبر العملات الرقمية سهلة التعريف، إلا أن صعوبة تصنيفها بشكل دقيق يسبب تعقيدات في سبيل تنظيم جهود التشريع. هل ينبغي اعتبارها مثل الأسهم، أم مثل السلع، مثل الذهب أو النفط؟ أم يتطلب الأمر إنشاء وكالة جديدة لتنظيم هذا الشكل من المال الرقمي؟ يرى كثيرون أن هناك حاجة ملحة لاتخاذ خطوات تنظيمية وخاصة عندما يتعلق الأمر حتى بالمشاريع الجديدة مثل العملات المستقرة، التي تُعتبر أبسط من نظيراتها لأنها ترتبط بقيمة عملة حقيقية، مثل الدولار الأمريكي. إذا تم اعتماد هذه الأنواع بشكل واسع، فإنها يمكن أن تعزز التجارة الدولية وتعزز الأنشطة الاقتصادية، أما في نفس الوقت، فإنها قادرة على تسهيل الأنشطة غير القانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب. بالنظر إلى الوضع الراهن والموارد السياسية، يبدو أن حزب ترامب قد يكون في وضع مثالي لدعم مبادرات أكثر صداقة تجاه العملات الرقمية. إذا فاز ترامب في الانتخابات، فمن المتوقع أن يدفع نحو تشريعات مؤيدة للعملات الرقمية، ويضع حداً للسياسة الأكثر تطرفًا التي اتبعتها إدارة بايدن ضد بعض الشركات في هذا القطاع. وفي السياق نفسه، يبدو أن هاريس، على الرغم من أنها لم تُعبر بشكل صريح عن مواقفها تجاه هذه القضايا، من الممكن أن تكون أكثر انفتاحًا على الابتكار التكنولوجي بالمقارنة مع الإدارة الحالية. سجلاتها السياسية في كاليفورنيا تُظهر توجهًا نحو دعم التكنولوجيا، مما قد يعزز فرص قطاع العملات الرقمية في حال فوزها. تُعتبر الانتخابات الرئاسية في عام 2024 منعطفًا حاسمًا لصناعة العملات الرقمية، حيث سترسم نتائج هذه المنافسات السياسية ملامح سياسات التنظيم والمستقبل المحتمل لهذا القطاع. من المتوقع أن تزيد المناقشات حول العملات الرقمية وحوكمة الإنترنت وحقوق المبتكرين من عمق الحملات الانتخابية، حيث تسعى الأطراف للانعكاس على تطلعات الناخبين وكيفية تفاعلهم مع الابتكارات التقنية الجديدة. باختصار، يتجه عالم العملات الرقمية نحو فترة مثيرة من التحولات، مع الاهتمام المتزايد من المشرعين والسياسيين، كما أن مواقف ترامب وهاريس ستلعب دورًا محوريًا في تحديد شكل التنظيم القادم. مع استمرار تزايد عدد المستخدمين للمعاملات الرقمية، يبدو أن العامين القادمين سيكونان حاسمين لرسم ملامح مستقبل هذا القطاع والتحقق من إمكانية حل المشكلات المرتبطة به، بما في ذلك عمليات الاحتيال وافتقار الشفافية.。
الخطوة التالية