في قلب مدينة نيويورك، يقبع الآن أحد أكثر الأسماء شهرة في عالم الموسيقى، شون "ديدي" كومbs، في زنزانة بزنزانة تشتهر بسوء أحوالها. لقد تم اعتقاله بتهم تتعلق بالاتجار الجنسي والابتزاز، وبعد محاكمة أولية، تم إنكار طلبه بالإفراج بكفالة. ولكن ما يثير القلق أكثر من تهمه الجنائية هو ما يُعرف به مركز الاحتجاز الفيدرالي في بروكلين، حيث يعيش كومbs في ظروف يُطلق عليها البعض "الجحيم على الأرض". تأسس مركز الاحتجاز، المعروف اختصاراً بـMDC Brooklyn، في أوائل التسعينيات، وهو يُعتبر السجن الفيدرالي الوحيد في نيويورك. يُستخدم هذا المركز بشكل رئيسي للاحتجاز المؤقت للأشخاص الذين ينتظرون محاكمتهم في محاكم فدرالية في مانهاتن أو بروكلين. بحلول عام 2024، كان هناك حوالي 1200 سجين، وهو ما يقل عن العدد السابق الذي كان يبلغ أكثر من 1600 في يناير. غالبًا ما يُروّج لهذا السجن كواحد من أسوأ مراكز الاحتجاز في البلاد. إذ يعاني النزلاء بشكل يومي من تفشي العنف، وظروف معيشية مروعة، ونقص حاد في الطاقم، بالإضافة إلى عواقب كورونا. على مدى السنوات، ألقى العديد من القضاة باللوم على إدارة السجون الفيدرالية بسبب الظروف الخطيرة داخل هذا المركز. وقد رفضوا إرسال المتهمين إلى هناك نتيجة لذلك، وبادر بعضهم بتقليل الأحكام للمتهمين عن جرائم بسيطة حتى لا يُضطروا لإرسالهم إلى هذا السجن. في الأشهر الأخيرة، لقي عدة نزلاء حتفهم داخل هذه الجدران القاسية. في يونيو، قُتل يورييل وايت، البالغ من العمر 37 عامًا، بعد طعنه داخل السجن. وبعد شهر، تُوفي إدوين كورديرو، البالغ من العمر 36 عامًا، بسبب إصابته في شجار. بالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل حالات انتحار لنزلاء آخرين، حيث أشار محامو ضحايا إلى أن الإهمال داخل هذا المركز له عواقب مميتة. كان كورديرو محاميًا لـ AP في حديثه مع صحيفة نيويورك تايمز، حيث وصف مركز الاحتجاز بأنه "سجن مزدحم، وذو طاقم غير كافٍ ويعاني من الإهمال". وقد عُرف عن ارتفاع مستويات العنف، حيث تم العثور على مواد مسروقة وممنوعة، منها المخدرات والأدوات الحادة، التي تُدخل غالبًا من خلال بعض الموظفين. تتضمن سجلات المركز أيضًا شكاوى من النزلاء حول سوء المعاملة، حيث إن التقييمات اليومية تظل منخفضة للغاية. يُمنع السجناء من الخروج من زنازينهم لفترات طويلة، سواء للزيارة أو للاستحمام أو حتى للرياضة. بينما يتم اقتحام الزنازين بشكل متكرر ويتم إخفاء الحقوق الأساسية لنزلاء. ومع ذلك، لا تبدو الأمور محصورة في هذه الجدران فحسب. تسببت الدلائل على مشكلات البنية التحتية، مثل انقطاع التيار الكهربائي، في احتجاجات بين السجناء. في عام 2019، تسبب انقطاع طاقة استمر قرابة أسبوع في إثارة حالة من الاضطراب بين النزلاء الذين تجمدوا من البرد. استجابةً للضغوط، وعدت إدارة السجون الفيدرالية بتحسين الظروف في MDC Brooklyn من خلال إضافة المزيد من العاملين وتلبية الطلبات لإصلاح المرافق. لكن القضاة ومؤسسات حقوق الإنسان لا يزالون غير راضين، حيث سيتم التركيز على تحسين البروتوكولات والتعامل بجدية أكبر مع شكاوى النزلاء. الآن، بينما يحبس كومbs نفسه في زنزانته، يتواجه الأضواء شهرته مع صعوبات وحقائق قاسية من واقع الحياة في هذا السجن. إذ ارتبطت قضيته بمجموعة من السلوكيات الشائنة والإساءة التي يمتد تأثيرها لعقود من الزمن. سيلقي هذا حتماً بظلاله على النجم الموسيقي، بينما سيسلط الضوء أيضًا على التحديات التي تواجه النظام القضائي الأمريكي بشكل عام. مع دخول القضية مراحلها القادمة، لا يزال السؤال قائمًا حول ما إذا كانت الظروف داخل MDC Brooklyn ستحظى باهتمام أكبر، أو ما إذا كان الأمر سيبقى كما هو دون تغيير. وفي الوقت ذاته، يعيش ديدي يومه بعد يوم، في زنزانة واحدة، محاطًا بالظروف التي لا يمكن تصورها لمعظم الناس، ومحتفظًا بعلامته التجارية الفاخرة من قبل. بينما تنتظر العدالة، يُسأل المجتمع وما يمكن أن يحدث عندما يُحتجز أحد رموز الثقافة الشعبية في عالم مليء بالعنصرية، والفقر، والعنف. فالظروف التي يواجهها المحتجزون تختلف جذريًا بناءً على أوضاعهم، إذ يُعبر كل يوم عن معاناة غير مرئية للعديد من النزلاء، الذين يمكن أن يتعرضوا لكل هذه الصعوبات في تحديد مستقبلهم. إنه منظر تعقُد فيه العدالة، ويتماهى فيه الثروة مع الفقر، وتثار التساؤلات حول ما يُستقبل العدالة في أمريكا ومدى قدرتها على تحسين الظروف المحيطة بمراكز الاحتجاز، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع الأسماء الكبيرة والمشهورين الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع. وفي خضم كل هذا، يبقى الأمل في تحقيق العدالة وفي تغيير تلك الظروف والتي تتجاوز مجرد العنصرية أو الانتماء إلى جيوب الفقر.。
الخطوة التالية