بيتكوين في بيروت: تبني العملات المشفرة في ظل الاضطرابات المالية

### بيتكوين في بيروت: اعتماد العملات الرقمية في وجه العواصف المالية في قلب العاصمة اللبنانية، بيروت، تخطو نحو مستقبل جديد من الابتكار المالي. تتسارع وتيرة اعتماد العملات الرقمية، ولا سيما بيتكوين، في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية الهائلة التي تواجهها البلاد. فقد صار العديد من اللبنانيين يبحثون عن مخرج من أزمات تعتبر من الأسوأ في تاريخ بلاد الأرز. هنا تتجلى صورة جديدة لمستقبل المال في لبنان، حيث تفتح العملات الرقمية آفاقاً جديدة للأفراد والشركات على حد سواء. لم يكن أحد يتوقع أن يرتبط اسم بيروت ببيتكوين في يوم من الأيام. فبعد السنوات العجاف التي عاشتها البلاد، من الأزمات الاقتصادية إلى الانهيار الاجتماعي والسياسي، أصبح ما كان يعتبر مجرد "صورة غريبة" عن المال جزءًا من الحياة اليومية للكثيرين. تزايد الإقبال على العملات الرقمية كنتيجة مباشرة للاحتجاجات الشعبية، والتضخم المتزايد، وعدم استقرار النظام المصرفي. تُظهر دراسات عدة أن اللبنانيين يتجهون نحو تحويل المدخرات إلى عملات رقمية كوسيلة لحماية أنفسهم من تآكل قيمة الليرة اللبنانية. فمع انهيار العملة المحلية، قرر الكثيرون البحث عن بدائل لتعزيز قوة مدخراتهم، واستخدام بيتكوين كخيار جذاب لتنويع محافظهم الاستثمارية. يقول أحمد، أحد المستثمرين الشباب في بركة إليكترونية: "لقد فقدت ثقتي في المصارف اللبنانية. ما رأيته في السنوات الأخيرة جعلني أبحث عن أشياء أكثر أمانًا وأنا هنا لأنني أؤمن بمستقبل بيتكوين". على الرغم من المخاوف المرتبطة بالأمان و volatility في سوق العملات الرقمية، إلا أن التطور التكنولوجي وسرعة الإنترنت جعلت من السهل على اللبنانيين الوصول إلى هذه العملات. المتاجر المحلية بدأت تقبل بيتكوين كوسيلة دفع، ومنصات التداول الإلكترونية ازدادت لتلبية احتياجات المبتدئين والمحترفين على حد سواء. الأخصائية في تكنولوجيا المعلومات، ماري، تشير إلى أن "الحاجة إلى تبني العملات الرقمية في بلد مثل لبنان هي حاجة ماسة. لأن بيتكوين وبقية العملات الرقمية توفر لنا حلاً وسطاً، رغم جميع المخاطر المرتبطة بها". بالإضافة إلى ذلك، فإن الشباب اللبناني الذي ينظر إلى العالم عبر شاشة الهاتف الذكي يتأقلم بسرعة مع التغييرات. هؤلاء الشباب، الذين يشكلون غالبية السكان، يطمحون إلى الابتكار، ويعتبرون بيتكوين فرصة لخلق حلول مالية جديدة. مع زيادة انتشار المعرفة بالتكنولوجيا، أصبحت ورش العمل والدورات التدريبية حول البيتكوين وblockchain تُقام بشكل متزايد، مما يسهل توعية المجتمع حول كيفية استخدام هذه التقنيات الحديثة. تتنافس الشركات الناشئة في بيروت الآن في تقديم خدماتها الجديدة التي تعتمد على تكنولوجيا blockchain. انطلقت العديد من المشاريع مثل منصات تحويل الأموال ووسائل الدفع الإلكترونية، كما تم إنشاء تطبيقات مخصصة لمساعدة الناس في التعامل مع العملات الرقمية بسهولة. الشاب اللبناني كريم والذي أسس إحدى الشركات الناشئة في هذا المجال، قال: "نحن نقوم ببناء الجسور بين التقليدي والحديث. إننا نساعد الناس على القيام باستثمارات ذكية، وتكون جزءًا من المجتمع الرقمي العالمي". بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، ساهمت العملات الرقمية في تعزيز الشعور بالاستقلالية المالية، وخاصة في ظل القيود الشديدة التي كانت مفروضة على السحب النقدي وتحويل الأموال. حصل العمال المغتربون على أدوات لمساعدة أسرهم في لبنان، حيث أصبح بإمكانهم تحويل الأموال إلى بيتكوين ومن ثم تحويلها إلى الليرة اللبنانية أكثر سهولة وأمانًا. لكن رحلة بيتكوين في لبنان ليست خالية من العقبات. لا يزال النظام القانوني والتنظيمي متخلفًا بعض الشيء، مما يجعل من الصعب وجود إطار عمل واضح يمكن أن يحمي المستثمرين. הממשלה اللبنانية، وعلى الرغم من إدراكها لأهمية هذه التكنولوجيا، تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود لوضع قوانين تنظيمية تساهم في حماية المستثمرين وتحفيز النمو في هذا القطاع. وعلى الرغم من هذه العقبات، يبدو أن تجربة بيتكوين ستستمر في النمو. التشبث بالأمل هو ما يُميز اللبنانيين في أوقات الأزمات. وتمثل العملات الرقمية، بالنسبة للكثيرين، ليس فقط وسيلة لحماية ممتلكاتهم، بل أيضًا فرصة لإعادة بناء الاقتصاد اللبناني المصدوم. في الختام، يمكن القول إن بيروت، من خلال اعتمادها على بيتكوين والعملات الرقمية، تسير في طريق جديد نحو إعادة تحديد هويتها المالية. ومع وجود شباب مستعد للمخاطرة وبلد يبحث عن مخرج من الأزمات، تبدو العملات الرقمية كجزء من الحل، أو ربما كأداة قوية يمكن أن تُجدد الأمل وتعطي دفعة جديدة للاقتصاد اللبناني في المستقبل. بيتكوين ليست مجرد عملة، بل هي رمز للتفاؤل في وجه العواصف المالية، واستجابة لما قد يجعل لبنان مكانًا أفضل للعيش.。